ومهما يكن من شئ فإن هذه الفكرة سائدة الآن بين الموظفين والأهلين على السواء، وقليل ذلك الذي يرى أن اختيار هذه البقعة الصحراوية، والتي لا تشتهر بـ (قبر عنيبة) كما تدل على ذلك الخرائط الكبيرة القديمة، والتي لا يزال المركز يحتفظ بإحداها يزين بها حجرة المأمور - قليل ذلك الذي يرى أن سبب هذا الاختبار مرجعه إلى المقاول الذي رست عليه المزايدة العلنية، وأنه اختار هذه البقعة الصخرية بالذات ليوفر على نفسه مؤونة نقل الحجارة من مكان بعيد يكلفه كثير المشاق، وطائل الوقت والمال!!.
وعلى الرغم من أن عنيبة قد سعدت بمقر المركز الجديد، ونالها بذلك كثير من الرخاء والرواج، لتعدد دور الحكومة فيها، واختلاف دواوينها، فإن (الدر) لا تزال تجاذبها أطراف ذلك الرداء، وتأبى في إصرار أن تستقل عنيبة بهذا الفضل، وتنفرد دونها بذلك المجد الذي كان لها وحدها إلى عهد قريب.
أجل فإن اسم (الدر) لا يزال يحتل أبرز الأماكن في هذه الدور، مما يدعو إلى الدهشة والعجب في نفوس الذين لا يعرفون شيئا عن ذلك التاريخ القديم. . . وأعجب من هذا أن بعض المصالح الحكومية لا تزال تتمسك باسم المركز القديم فتطلق على مركز عنيبة، مركز الدر، وكأنها لا تعترف بكل ما مر بهذا الإسم من حوادث، وناله من كوارث الأيام، ولا تقيم وزنا لهذا الإسمالجديد، أو كأن للاسم القديم لذة ومتعة لا ترضى بغيرهما بديلا. . أو كأن رهبة وروعة، فهي لا تريد أن تذهب بما اكتسبه على مر الأيام، وكر الأعوام، من جلال ووقار، أو بمعنى أدق من تخويف وإرهاب، ونفى وتشريد!!.
وإننا لنحسن الظن بالحومة بهذا التعليل كائنا ما كان، وهو على أسوأ وجوهه خير ألف مرة ومرة من الوجه الآخر الذي يتبادر إلى الذهن من الإبقاء على تسمية المحكمة الشرعية، والمحكمة الوطنية باسمهما القديم، وترد بذلك الإسم المخاطبات والمكاتبات في كثير من الأحابين. . . ولا تزال حركة الإصلاح في مختلف الوزارات تذكر مركز الدر في قرارتها، وتهمل مركز عنيبة!!.
ولا شك أن بلدة الدر أعرق مجداً، وأوفر حظا من عنيبة، ولا يزال فيها السوق التجاري الأصيل، وإن زال مجدها الحكومي بزوال دور الحكومة، ورحيلها عنها، فلا يزال مجدها الحقيقي قائما بشخصيات أهلها، ونفوذ الكثيرين منهم، وبخاصة طلبوا العلم فيها، والذين