من ذلك أن في طبيعة العمل الأ دبي قسم كبير متعلق بالصنعة ما دام العقل الواعي مشتركا اشتراكا كبيراً في تنظيم العمل، ولكن الجزء اللاشعوري له أهميته العظيمة. ومن ثم يتضح أنه لا يوجد عمل عبقري لا تدخل فيه الصنعة. والذين يقولون بالسليقة إنما يجهلون المعاني السيكولوجية للأعمال الفنية. ويبدو من هذا التحرر السيكولوجي أن المسألة محاولة إزالة فواصل، فمن الباطن إلى الوعي إلى الخارج. . . ومعنى ذلك أنها عملية إفضاء إلى الغير، أو بعبارة أخرى الخروج عما هو شخصي إلى ما هو إنساني. وهذا هو غرض الأديب ورسالته. ويتضح كذلك الفرق بين طبيعة العصبي والعبقري، فالأول يهتم بتحقيق رغبة مكبوتة، أما العبقري فهمه التعبيرعنها، وشتان ما بين الاثنين!
الكاريكاتور في شعر ابن الرومي:
كان الأستاذ كامل كيلاني ألقى محاضرة بكلية الآداب بجامعة فاروق الأول بالإسكندرية موضوعها (الكاريكاتور في شعر ابن الرومي)، وقد عن له أن يستوفي هذا البحث ليخرجه في كتاب، وهو يعمل الآن في إنجازه.
ويتكون هذا البحث من جولات في متحف الكاريكاتور الذي يضعه شعر ابن الرومي، والذي يتألف من أقسام مختلفة؛ فهذا معرض الأنوف، ومن تحفه صورة لأنف (كنيزة) المغنية، هي قوله.
(فيه لفرخين عش)
وذاك معرض الدواب الآدمية، ومن محتوياته وجه (الحريثي) في صورة ثور:
للحريثي أبي بكر غيب ... وله قرتان أيضاً وذنب
وتحين منك التفاتة إلى ركن في أحد الأبهاء، فإذا صورة كاريكاتورية فذة يرسمها الفنان ابن الرومي لنفسه في براعة عجيبة:
من كان يبكي الشباب من جزع ... فلست أبكي عليه من جزع