أشياء لو مثلت على حقيقتها لاقتضت من الزمن ما لا تتسع له مدة التمثيل
المناظر: المناظر هي أجزاء الفصل المختلفة كما علمت، وتحدد بدخول شخص أو خروجه، وليس لها عدد معين. ولكن لها قاعدة عامة، وهي ألا يبقى المسرح خالياً من ممثل حرصاً على الوهم واستبقاء للخديعة واستدامة للأثر. فإذا اضطر الممثلون جميعاً إلى تركه ليخلفهم عليه آخرون، وجب إما أن يوجهوا الخطاب إليهم، وإما أن يعلنوا دخولهم عليهم، حتى لا يدخل المسرح أحد أو يخرج منه دون أن يُعلن المشاهدون بسبب دخوله، أو يكونوا قد علموه من قبل حصوله. أما أن يخرج ممثلو المنظر السابق ويدخل ممثلو اللاحق من غير مخالسة النظر ولا مبادلة الكلام فذلك إخلال بشرط الإمكانية
الأشخاص: يشترط في أشخاص الرواية أن تكون صفاتهم وعاداتهم (محلية) تلائم الزمان والمكان اللذين يعيشون فيهما، (مناسبة) تتفق مع عمرهم وجنسهم وطبقتهم، (ممكنة) لا نناقض التأريخ ولا التقاليد ولا الأساطير، (ثابتة) تلازم الشخص من بدء العمل إلى انتهائه، (متنوعة) لا تتشابه في شخصين، بل يختلف كل شخص عن الآخر في صفته وعادته، جارية مع العرف، فلا تكون شاذة ولا غريبة كوصف اللص بالكرامة، وقاطع الطريق بالشهامة، والسفاح بالنبل. وتلك نقيصة من نقائص المسرح الحديث.
أداء العمل
يحدث العمل في نفس الممثل فيؤديه بالعبارة مستعيناً بالإشارة. والعبارة تكون حواراً وقد تكون نجوى نفس. وبحث هذه الكلمات الأربع يحتاج إلى شيء غير قليل من الأناة والعناية
العبارة: الأسلوب الروائي هو أسلوب الحديث النبيل المونق. فشرطه أن يكون طبيعياً لا تفسده الصناعة والتعمل، حياً لا تخمده الغثاثة والتبذل، بسيطاً لا تعقده الروية والتأمل، ملائماً تتناسب لهجته مع نشأة المتكلم وتربيته وطبيعته وعادته وموقفه. ولن يتسنى للكاتب أن يحقق هذه الشروط إلا إذا نسى نفسه وفنى في أشخاصه، فيطرح المقاطع الوجدانية والمحسنات البديعية والتشابيه الغريبة من كل ما ينم على الدرس والبحث والتحذلق. اللهم إلا المأساة بنوعيها فأنها تقتضي الأسلوب الرائع، واللفظ المختار، واللهجة المؤثرة، لعلاقتها بالوجدان وصلتها بالعواطف. والبيان كان وما زال شرك العقول وسحر القلوب. وأكثر المآسي لم يضمن لها الخلود إلا روعة الأسلوب وبلاغة الأداء. ولقد أخطأ بعض الروائيين