لي، ثم قضى علينا أن نفترق ولا مرد لقضاء الله وقدره. ولكن ثق يا أخي باني لم أنساك وستبقى ذكرياتك الطيبة عالقة في خاطري ما حييت.
وساد الغرفة صمت، ثم قطعة الزائر بمخاطبته السيدة غريغوري قائلاً: بلغني يا سيدتي أن عندك غرفة تودين تأجيرها، فهل تجدين مانعاً يحول دون تأجيري اياها؟. أنت بحاجة إلى رجل ليدافع عنك ويعينك على تخطي مصاعب الحياة. . . أنت بحاجة إلى مال، وما من ريب في أن معاشك لا يسد بعض نفقاتك. أرجو أن تأذني لي باستئجار غرفة في مسكنك وسأدفع أي مبلغ تطلبينه، يضاف إلى ذلك انك ستجدين إلى جانبك من يحدثك باللغة الروسية التي كان يعلمك إياها المرحوم غريغوري.
وساد الغرفة الصمت مرة ثانية، ثم نهضت السيدة غريغوري وأحضرت باقة الزهور وعلبة الحلوى أعادتهما إلى السيد إيفان قائلة: اذهب وضع هذه الباقة على قبر صديقك إذا كنت توده حقاً، ووزع هذه الحلوى بين الفقراء ليترحموا على روحه.
وشيعته إلى باب الدار الخارجي. . .
الخاطب الفاسق:
أم الخاطب الرابع فكان يهودياً بولونياً صاحب خطة جهنمية. فقد طرق بيت السيدة غريغوري عصر يوم وبرفقته امرأة وفتاة في الثانية عشرة من عمرها. فاستقبلتهم ربت البيت مرحبة بهم، وبعد لحظات تبودلت فيها النظرات والابتسامات استهل الرجل كلامه بان ترحم على روح المرحوم زوجها، وذكر محامده ومآثره، ووصفه بأنه كان مثالاً للنزاهة والإخلاص بين الناس، غير أن الموت الذي اختطف روحه لا يتردد في اختطاف روح أي إنسان إذا ما حانت ساعته.
ولما قدمت السيدة جريجوري الشاي لضيوفها قال لها الرجل وهو يحرك الملعقة في قدحه: تجول في خاطري فكرة أود عرضها عليك، وربما تجدين فيها بعض الغرابة والجرأة، ولكنها مبنية على شعور عاطفي، لا تتنافى مع ناموس الاجتماع. انظري إلى هذه السيدة فهي زوجتي، وانظري إلى هذه الفتاة فهي ابنتي. إلا أنني غير راضي عن حياتي الزوجية هذه، وقد عقدت النية على أن أطلق زوجتي طلاقاً لا رجعة فيه، وزوجتي توافقني على هجري اياها، اليس كذلك يا راحيل؟.