للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ناحية ومن ادخل على نفسه من الوجع والضعف اعظم مما دفع عن نفسه من ألم الجوع.

وما زال أهل الإسلام ظاهرين على عدوهم في الأندلس وأمر العدو في ضعف وانتقاض لما كانت الأرض مقطعة في أيدي الأجناد فكانوا يستغلونها يرفقون بالفلاحين ويربونهم كما يربي التجار تجارته، وكانت الأرض عامرة والأموال وافرة والأجناد متوافرين والكراع والسلاح فوق ما يحتاج أليه، إلى أن كان الأمر في آخر أيام ابن أبي عامر، فرد عطايا الجند مشاهرة بقبض الأموال على النطع، وقدم على الأرض جباة يجبونها فأكلوا الرعايا وأجتاحوا أموالهم واستضعفوهم، فتهارت الرعايا وضعفوا عن العمارة فقلت الجبايات المرتفعة إلى السلطات، وضعفت الأجناد وقوي العدو على بلاد المسلمين حتى اخذ الكثير منها. ولم يزل أمر المسلمين في نقص وأمر العدو في ظهور إلا أن دخلها المتلثمون فردوا ألا قطاعات كما كانت فبي الزمان القديم.

من شؤون الحرب في الإسلام:

درأت حرب في الأندلس بين المسلمين والكفار، ثم افترقوا فوجدوا في المعترك قطعة من بيضة الحديد قدر ثلثها بما حوته من الراس، فحملتها الروم وعلقتها في كنيسة لهم، فكانوا إذا عيروا بانهزامهم يقولون: لقينا أقواماً هذا ضربهم، وكان أبطال الروم يرحلن إليها ليروها.

قال تعالى (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة) وهذا مشتمل على كل ما في مقدور البشر من العدة والأدلة والحيلة، وأول ذلك أن يقدم بين يدي اللقاء عملاً صالحاً من صدق ورد مظلمة وصلة رحم ودعاء مخلص وأمر بالمعروف وتغير منكر وأمثال ذلك وكان عمر راضون الله عليه يأمر بذلك ويقول: إنما تقولون بأعمالكم. وروي أن بريداً ورد عليه بفتح للمسلمين فقال له عمر: أي وقت لقيتم العدو؟ قال غدوة، قال ومتى انهزم؟ قال عند الزوال. فقال عمر أنا لله وأنا إليه راجعون! وقام الشرك بالأيمان من غدوة إلى الزوال!! لقد أحدثتم بعدى حدثاً أو أحدثت بعدكم حدثاً.

والشأن في استجادة القواد وانتخاب الأمراء وأصحاب الولاية فلا ينبغي أن يقدم على الجيش إلا الرجل ذو البسالة والنجدة والشجاعة ولا جرأة، ثبت الجنان صارم القلب جريئة، رابط الجأش صادق البأس ممن قد توسط الحروب، ومارس الرجال ومارسوه ونازل

<<  <  ج:
ص:  >  >>