للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأقران وقارع الأبطال عارفاً بمواضع الفرص خبيراً بمواقع القلب والميمنة والميسرة من الحروب، وما الذي يجب شحنه بالحماة والأبطال من ذلك، بصيراً بصنوف العدو ومواقع الغرة منه ومواقف الشدة، فأنه إذا كان كذلك وصدر الكل عن رأيه كان جميعهم كأنهم مثله.

وليخف قائد الجيش العلامة التي هو مشهور بها، فأن عدوه أن يستعلم حيلته وألوان خيله ورايته، ولا يلزم خيمته ليلاً ونهاراً، ولبدل زيه ويغير خيمته ويعمي مكانه كي لا يلتمس عدوه. وإذا سكنت الحرب فلا يمشي في النفر اليسير من قومه خارج عسكره، فأن عيون عدوه قد انكبت عليه، وعلى هذا الوجه كسر المسلمون جيوش أفريقيا عند فتحها.

وقالوا: حسم الحرب الشجاعة، وقلبها التدبير، وعينها الحذر، وجناحها الطاعة، ولسانها المكيدة، وقائدها الرفق، وسائقها النصر.

وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون. أطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتنشلوا وتذهب ريحكم، واثبروا أن الله مع الصابرين) وهذه جماع آداب الجرب.

وقد أوضح الله لنا في كتابه العزيز علة النصر وعلة الهزيمة والفرار، فقال تعالى (أن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) يعني أن تنصروا رسوله ودينه. وأما الهزيمة فعلتها المعاصي، قال تعالى (أن الذين تولوا منكم يوم التقي الجمعان إنما استذلهم الشيطان ببعض ما كسبوا) أي بشؤون ذنوبهم.

واستوصوا قوم أكثم بن صيفي في حرب أرادوها فقال: اقلوا الخلاف على أمرائكم، واعلموا أن كثرة الصياح فشل، ولا جماعة لمن اختلف. وتثبتوا فأن احزن الفريقين الركين.

أسامة

<<  <  ج:
ص:  >  >>