(وأما ابنا أخوى اللذان انتظرا موتي بصبر وجلد، فأن حديثي أليهما قصير. يقولون أن الصبر فضيلة. ولا بد له من حسن الجزاء، ومع أن أبني أخي سيحصلان على جزائهما الحق في جهنم، فيجب أن يحصلا على جزائهما في الأرض قبل السماء.
لقد فكرت في أن ادعهما يتقاسمان ثروتي. ولكن لم ألبث أن خطرت ببالي فكرة افضل كثيراً من ذلك. لقد انتظرا طويلاً. وصبرا كثيراً، أفلا يكون (من بواعث رضاي في مثواي أن أرى أيها اعظم صبراً واكثر جلداً؟.
لهذا فكرت بان أوصي جميع ثروتي وعقاري لابن أخي الذي يستطيع أن يعمر في الحياة اكثر من احيه. فإذا مات أحدهما تؤول جميع ثروتي لمن بقى منهما على قيد الحياة. وفي أثناء حياة الاثنين احرم عليهما الحصول على قرش واحد من ثروتي!!.)
شهق الأخوان طويلاً. واحمر لونهما. وراح كل منهما يتطلع إلى الآخر في ذهول عظيم.
كانت الوصية بشروطها تحوي إيحاء وتحريضاً على أن يحاول كل من الأخوين قتل الآخر حتى يفوز بالثروة. لقد أرادت عمتهما الشيطانة أن تحطمهما بضربة واحدة. فافترق الأخوان. وعاش كل منهما على بعد من أخيه!.
- ٣ -
وتحولت حيلتهما منذ ذلك اليوم إلى جحيم دائم، وقلق مستمر. تسرب الشك إلى كل منهما إلى الآخر. وكان الشيطان اللعين يوسوس لكل منهما أن يفتك بالآخر ليظفر بالثروة. وهزل جسماهما من فرط السهر واصبحا كشبحين لهما هيكل محطم لا حياة فيه ولا حراك!.
واتفق أن عثر (تشارلس) على موسوعة (بريطانيا) الطبية. فكان يسهر لياليه ساهدا لا يغمض له جفن. وهو فمسك بيده ذلك الكتاب يقتله قراءة ودراسة. وقعت عينه في الموسوعة على فصل عن (الأعشاب السامة) واسكنه نموها في إنجلترا. فخطرت (لتشارلس) فكرة شيطانية. فراح من ساعته يجد في الحصول على بعض الأعشاب السامة، فطحنها، ودس المسحوق الناتج في طعام أخيه (موريس) بخطة جهنمية - حتى تمت بالنجاح.
فحدد يوماً لارتكاب الجريمة. وبعد الانتهاء من خطته، سافر إلى بلدة مجاورة. فتناول (موريس) طعامه الممزوج بالسم. ولما عاد (تشارلس) من لندن في صباح اليوم التالي.