للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في ثناياه روح الله الكبرى التي تربط كل روح بأخرى وتشملها جميعاً. ومن يتم له ذلك يشعر بسعادة تغمره بالسلام والأمن، وتحثه على أن يعبر بفنه عما يشعر به من غبطة وحبور، فيكشف عن جمال الفضائل الروحية ويشجع الناس على تثقيف الروح، ويدعوهم إلى فعل الخير وتجنب الشر، ويصف لهم سمو استقامة الخلق ونبل تشبث المرء بالمثل الإنسانية، ويرفع من قيمة تضحية الفرد في سبيل المجموع، ويشيد بذكر الحب الذي يجمع بين القلوب ويفيض على الإنسانية بالطمأنينة والهدوء، وذلك كله يطهر روح المحبين للفنون ويهيئ لهم سبل تحقيق اتحادهم الصادق بالله. فالفن إذا مدرسة معلموها قوم توصلوا إلى تحقيق ذاتهم، ويعلمون الناس كيف يفوزون بوحدتهم مع الله.

رابعاً: يلزم طاغور كل فرد بأن يقوم بعمل مفيد أو خير، إذا أراد أن يحقق ذاته. ولا يغني عن أداء ذلك العمل طهارة روحية أو سيادة القوانين الأخلاقية على النفس، لأن الطهارة الروحية والتمسك بالأخلاق والتمثل بالفضائل، وإن كانت ضرورية لتحقيق الذات، ليست كافية، وتتطلب عملا يؤكد وجودها، ويصدق على صحتها. ولذلك وجب على كل هندوكي أن يؤدي عملا مفيداً في سبيل الله، ويعود بالخير على أهله أو وطنه أو الإنسانية جمعاء بدون أن ينتظر من ورائه نفعاً شخصياً، ولا يقبل على فعله خوفاً من تهديد جوع أو قوة الفقر أو بضغط أي دافع مادي آخر، وإلا أصبح علما باعثه رغبات نفعية وشهوات غريزية تفوق تحقيق الذات.

فكل من يطلب الله يجب أن يعمل عملا باعثه شريف يفيد به الناس لأن العمل الشريف المفيد يخرج الفرد من دائرة أنانيته ويدفعه لخوض معترك المجتمع الإنساني، فيعرف ما يربطه به من علاقات وثيقة، فتنمو فيه غيرية روحية تشعره بأن له جسما يضم المجتمع البشري بأكمله، يجب أن يسعى لإسعاده مهما تحمل من كفاح متعب قد يعرضه لمختلف الآلام، وينزل به أفدح الخسائر كما تشعره بأن له نفساً تشمل الحياة الإنسانية من جميع نواحيها يجب أن يبذل حياته رخيصة من أجل مصلحتها، ويرحب بالاضطهاد والسجن والحرمان والعذاب حباً في خيرها.

ومن يؤد مثل هذه الأعمال العظيمة، فقد صار في الطريق القويم الذي يظهر له حقيقته الكبرى المقيمة داخل نفسه، فتأخذ روحه في الارتقاء في سلم الكمال الروحي، وتعلوا إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>