فنأي بجانبه وخص بنحسه ... مصراً وأسرف في النحوس وأغرقا
لو كنت أعلم ما يخبئه لنا ... لسألت ربي ضارعاً أن يمحقا
ولكنه يعود فلا ييأس، ويخاطب شباب البلاد:
أهلاً بنابتة البلاد ومرحبا ... جددتمو العهد الذي قد أخلقاً
لا تيئسوا أن تستردوا مجدكم ... فلرب مغلوب هوى ثم ارتقى
ولقد كان حافظ يريد أن يرى الشرق ناهضاً حياً، ذا قوة ترهب الغرب. . .
ولكن. .!
إلا إنه يتفاخر بأية أمة شرقية قوية، ناهضة، تطاول الغرب وتهزمه.
قال في حرب طرابلس ما قال، كما تقدم، ولكن قف عند هذا البيت من تلك القصيدة:
أيها الحائر في البحر اقترب ... من حمى (البسفور) أن كنت هماما
إن هذا البيت من شعر حافظ يصور لي حافظاً كالأسد السجين في قفص!
فبمن يتفاخر حافظ؟
إنه لا يجد أمامه غير تركيا، فيتحدى بسفورها أسطول الطليان، ويطلب أن يقترب من حماه أن كان شجاعاً، فسيضربه الترك، وأن عجز عن ضربه المغاربة. . .
وشيء خير من لا شيء. . .
ولكنه حافظ السجين الطليق، الذي يأمل ويتمنى ويريد، ولكن الأقدار لم تسعده فتسعفه بما أراد!
ويظل حافظ بين عاملي الأمل والياٍ والتفاخر والاستنهاض فإذ تسمعه يقول:
يا ليتني لم أعاجل ... بالموت قبل الأوان
حتى أرى الشرق يسمو ... رغم اعتداء الزمان
ويسترد جلالاً ... له ورفعة شأن
وليعلم الغرب أنا ... كأمة اليابان
لا نرتضي العيش يجري ... في ذله أو هوان
تراه يقول أيضاً:
فاطمئني أمم الشرق ولا ... تقنطي اليوم فإن الجد قاما