للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحب فيضطرون للاستماع لنصائحه والأخذ بآرائه السياسية والاجتماعية، حتى لا يعود إلى صوم قد يكلف غاندي حياته، وتفقد الهند بطلها المقدس.

ولقد صام غاندي حوالي خمسة عشر صوماً خلال الخمس والثلاثين سنة الأخيرة من عمره أذكر منها على سبيل المثال ثلاث مناسبات صام فيها غاندي، لأوضح بعض الظروف المختلفة التي كان يصوم من أجلها غاندي. ولنبدأ بصوم سببه أخلاقي تذره عندما كان في جنوب أفريقية يشرف على التعليم في المدرسة التي أنشأها بمزرعة العنقاء، وتسمح باختلاط الصبيان والبنات بالرغم من تباين نشأتهم واختلاف أوساطهم. فحدث أن اعتدى أحد التلاميذ على عفاف فتاة، فلما سمع غاندي بهذا النبأ الأثيم تألم وشعر أنه كمشرف على هذه المدرسة مسئول عما ارتكب، فعاقب نفسه بصوم تسعة أيام ليخفف بها وطأة وخز الضمير وتأنيبه من جهة، وليطلب المغفرة من الله لهذين الآثمين من جهة أخرى. فكان لصيامه وقع أليم في أهل المزرعة طهر ما علق بالنفوس من أفكار سوداء، كما حرر نفس غاندي من كل ما انتابها من قلق واضطراب، وأحل محل غضبه على المجرمين إحساساً بالعطف والشفقة عليهما، فتوثقت العلاقة بينه وبين الأولاد والبنات.

أما عن الصوم الثاني فصامه غاندي بعد أن نزح عن جنوب أفريقية ورجع إلى الهند بصيته المعروف بمحاربة الاستعمار البريطاني؛ فاستطاع بعد أن درس حال الهند من جميع النواحي أن يتولى زعامة الشعب الهندي. ثم أخذ يطالب باستقلال الهند الذاتي الذي وعدت إنجلترا أن تمنحه للهند بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، نظير ما قدمته لها من مساعدات حربية. فلم تكتف الحكومة الإنجليزية بمراوغته، بل أخذت تشدد الرقابة على الهنود كما فرضت عليهم أحكاماً عسكرية صارمة. فعزم غاندي على أن يحاربها حرباً سلمية، أي يحاربها بسلاح العصيان المدني الذي حاربها به من قبل في جنوب أفريقية، واستطاع أن يلغي ضريبة الثلاث جنيهات المفروضة على الهنود هناك. إلا أنه شعر بصعوبة قيام شعب يقرب من أربعمائة مليون نسمة، يختلف فيما يبنه من حيث الدين العادات واللغة، يعصيان إجماعي قبل أن تتشبع روح كل فرد بأساليب العصيان، حتى تبتعد عن العنف والشغب والفوضى وحوادث السرقة والتحطيم والحرق. فأخذ غاندي يمرن الشعب بادئ الأمر على العصيان، بأن طالبهم بمقاطعة كل ما هو إنجليزي. فقاطع الشعب

<<  <  ج:
ص:  >  >>