وغير هذا كثير. وهذه أعلى مراحل الإنسانية.
٥ - شعر حافظ
من الأقوال المأثورة عن الأسلوب قول سانت بيف، على ما أذكر، ما معناه: إن الأسلوب يعبر عن صاحبه.
أي أنه يعبر عن روحه.
ولقد أمتاز شعر حافظ بأنه يعبر عن شخصيته، أي روحه، تعبيراً قوياً. . .
والمعروف عن حافظ أنه كان شديد المرح في حياته الخاصة، مع أن شعره وأدبه، في مجموعه، كان شعراً وأدباً رزينين جادين.
فكيف نوفق إذن بين ذلك الرأي وهذه الحقيقة؟
وهل كان حافظ ذا شخصيتين مزدوجتين كما قال أحد الكتاب كلا. . .
فإن نفسه الحزينة - التي عرفت الحياة جيداً - سخرت منها سخرية هائلة فأصبحت كما قال المتنبي تتكسر نصالها على نصاله.
والنكتة التي اشتهر بها حافظ كانت ستراً لآلامه وأحزانه وإمعاناً في السخرية من الحياة.
ولهذا برز حافظ في ناحيتين من شعره:
الوطنية والرثاء
ويعلل حافظ نفسه هذا بقوله، عن شعره الرثائي، في قصيدة تحية الشام:
إني مللت وقوفي كل آونة ... أبكي وأنظم أحزاناً لأحزان
إذا تصفحت ديواني لتقرئني ... وجدت شعر المراثي نصف ديواني
وهناك ناحية فنية نحب أن نقرر أن حافظاً كان من أوائل السباقين إلى طرقها والتجلية فيها.
تلك هي الناحية القصصية في شعره.
وإذا كان حافظ لم يسرد قصصاً في شعره بالمعنى القصصي المفهوم، إلا أنه نظم قصائد اجتماعية وطنية نحا فيها نحو القصة بلغ بها الغاية مما أراد. . .
وإذا لم تكن القصيدة التي سماها المنظومة التمثيلية في ضرب الأسطول الطلياني لمدينة بيروت - قصة بالمعنى المألوف، إلا أن له قصائد فيها قصص ساحر بليغ، مثل قصائده