في صفوفه، التي وهي قلقة مضطربة لا يستقر لها قرار، تريد الفوضى والتخريب والنزاع فيما بين البشر وسفك الدماء، شأنها في ذلك شأن سيدها الشيطان الذي يحاول بكل ما عنده من حيل ووسائل، العمل على تقويض (مملكة الله) ومساعدة أعمال (الدجال) وتحبيذ فعله ومحاربة (الكنيسة) وتشجيع (الخطيئة) غير أن نجاحه هذا وقتي وستزول مملكته في النهاية وينتصر جنود الله. وعندئذ يكمل التاريخ البشري وتسود المحبة كل الشعوب، وتنقي الخطيئة وتشمل رحمة الله عباده المؤمنين.
فالغاية من هذه التطور التاريخي وفق هذه النظرية مرور البشرية في هذه الأدوار الحرجة التي يكون فيها المؤمن كالقابض على جمرة النار فيمتحن الله فيها عباده، إلى أن تتداعى مملكة إبليس فيحصل (أبناء الله) على شرف (المواطنة في مملكة الأب) ولا يتحقق هذا الهدف إلا إذا دان الإنسان بمبادئالكنيسة، واعتبر كل ما هو موجود على سطح الأرض زائلا لا يدوم، وإن الدوام لله، وإن الأموال واسطة للقربى من مملكة الله، فيجب التصرف فيها وفقا لأوامره ولأحكام التي وضعتها الكنيسة، يشمل ذلك الأفراد والجماعات.
وتسري هذه الأحكام على الدول خاصة، وعلى الحكام أمناء الله على العباد، لأن وظائف الدولة هي وظائف عالية، وبيدها مقدرات ملايين الناس، وقد اختار الناس بمجرد حريتهم أمثال هذه المؤسسات الاجتماعية لخدمة مصالحهم وحقوق الله، فلا يجوز للحاكم أن يحيد عنها ويتعداها فتصبح الدولة دولة من الدول الممثلة لإرادة الشيطان ويكون الحاكم طاغية من الطغاة فيحرم من حق المواطنة في مملكة الله. وتصبح الدولة التي يديرها آلة من آلات الشيطان مسخرة لتنفيذ مبادئه يجب الأخذ بناصر الكنيسة ورجال الدين أولياء الله على الأرض.
ومن هذه النظرية استمد البابوات سلطانهم وحاولوا فرض إرادتهم في القرون الوسطى على الحكام الزمنيين. باعتبار انهم يمثلون السلطات الشرعية التي هي ارفع السلطات وانهم ينفذون أوامر الله بين الناس، وأن ذلك لا يعني العبودية ولا الخضوع لإرادة الكنيسة التي لا تعرف الرق بل تعني التسليم عن اختيار، والإيمان المحض مع الشعور بما يترتب على ذلك من مسئوليات. وقد كانت هذه النظرية مصدر نزاع بين الحكام الذين كانوا يرون في هذه العقيدة سبباً من أسباب التدخل في الأمور الدنيوية التي يجب أن يبتعد عنها رجال