للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالناس عنده متساوون في فهم الكتابة وفي التأثر بها ولكنهم متفاوتون أما الشعر والخطابة فهو يقول: (ونحن عندنا نقرأ عبد الحميد أو ابن المقفع لا نجد عندهما اللذة الفنية إذا كنا في طبقة واحدة أو اشتركنا في ثقافة واحدة وإنما يقرؤها منا ذوو الثقافة العالية والساذجة والمتوسطة والبسيطة وكلنا يجد لذة ومتعة فنية. بينما تختلف لذتنا في قراءة الشعر باختلاف حظوظنا من الثقافة. فليس كل الناس يقرأ جريرا والفرزدق أو يتذوق زيادا والحجاج. . .)

وأعتقد أن الواقع يخالف هذه القاعدة وضعها الدكتور؛ فأكثر الشعر أوضح في معناه وأبين في فحواه من الكتابة وبخاصة في العهد الذي يتحدث عنه المؤلف؛ فكثير من الناس يفهمون كثيراً من شعر جرير ولكنهم لا يفهمون قليلا ولا كثيرا من المثال الذي ساقه الدكتور لعبد الحميد وقد جاء فيه في وصف الرماح: (معاقص عقدها منحوتة ووصم أودها مقوم، أجناسها مختلفة وكعوبها جعدة وعقدها حنكة شطبة الأسنان محكمة الجلاء. .)

أما الخطابة فالقاعدة المطردة فيها أن تكون أسهل من النوعين ليفهمها السامعون في يسر ويدركوا ما جاء بها في سرعة وإلا ضاعت قيمتها وذهب الغرض من إلقائها.

على أني اتهمت معرفتي أمام هذه الحقائق فعرضت على الطلاب طائفة من شعر جرير وتلوت شيئا من خطبة زياد البتراء فوجدتهم مقبلين متأثرين ثم أقبلنا على الكتاب نقرا ما جاء فيه من رسالة عبد الحميد فرأيتهم أقل تأثرا وفهما.

٣ - في كتابة عبد الحميد

ساق المؤلف أدلة ثلاثة حاول فيها أن يثبت أن عبد الحميد الكاتب متأثر بثقافة اليونان وكتابتهم ولست أريد أن أبطل هذا الرأي أو أثبته ولكني أقول: إنني لم أجد في هذه الأدلة - أو على الأقل في اثنين منها - نصاعة أو قوة تحمل على الإقناع:

فأما أحد الدليلين فهو ما ذكره الدكتور حين قال: (وعندي في هذه الرسالة نص بسيط يدلني على أن عبد الحميد كان في هذه الرسالة متأثر إلا باليونانية وحدها بل بما كان مألوفا عند اليونان فهو يقول في نصحه لولى العهد، ثم ول على كل مائة رجل منهم رجلا من أهل خاصتك وثقافتك ونصائحك وتقدم إليهم في ضبطهم) ونحن نعلم أن الوحدات التي كان يتكون منها الجيش البيزنطي كنت وحدتين اللجيو ويتكون من ستة آلاف رجل ثم السنتريو

<<  <  ج:
ص:  >  >>