ويستحيون نساءهم؟ إنه إن فعل هذا فقد لحقه العار وركبه الذل، وناهيك بعار العرب وذلهم، على أنه مع هذا وذاك لم ينس أن يتهكم ويعتد بقوته فيقول:
أتاني أن قومي جد فيهم ... من الحدثين شر مستطير
أناخت بينهم حرب عوان ... ضروس للردى فيها زئير
وما أدري أيذكرني لكيز ... إذا استعرت وطار لها زفير؟
وهل هو بابن ذي صهبان يغني ... إذا عميت على القوم الأمور؟
وما إن ينتهي براق من قوله حتى يخبره خادمه بضيوف يطلبونه، وسنرى الآن من أخلاق براق ما يدهشنا، وما يثير إعجابنا.
الضيوف:
نزلنا بأبي نصر ... سلام يا أبا نصر
دعوناك إلى أمر ... فهل تصغي إلى الأمر؟
بنو عمك قد جاروا ... ومدوا سبب الشر
وقد خانوك من قبل ... بمحض البغي والغدر
فخالفنا وأيدنا علي ... هم واسع في النصر
نحالفك على منشئ ... ت في بر وفي بحر
براق:
ذروني لست أترك آل قومي ... وأرحل عن فنائي أو أسير
بهم ذلي إذا ما كنت فيهم ... ولكن لي بهم شرف خطير
أأنزل بينهم إن كان يسر ... وأرحل إن ألم بهم عسير؟
وفي أثر هذا القول الذي خيب ظن القوم يخرجون وهم يتميزون غيظاً ويحترقون ألماً. بل وفي إثره أيضاً يعلم براق بموت أخيه وانكسار قومه، وأسر أغلبهم وفيهم (ليلى) فيطير عقله، وينخلع قلبه، ويسافر تواً إلى قومه ويجمع شملهم وينظم عقدهم. ويشاء الله أن ينتصر انتصاراً حاسماً وأن يشتت أعداءه، ويمزقهم شر ممزق ثم يرجع بحبيبته ليلى ليستأنفا سعادتهما وحبهما، وهو يقول:
يا ليل قومك عنك قد نكلوا ... يا خجلتي يا بئس ما فعلوا