العنوان على ظاهره، فلم يدرس الكتاب بالأجمال ولا التفصيل (كل زعماء الإصلاح في العصر الحديث) ولا في الجيل الماضي وحده فضلا عن الجيل الحاضر، ولا كل زعماء الشرق الإسلامي فضلا عن الشرق عامة والعالم بوجه أعم، ولا حتى (كل) الزعماء الدينين في الجيل الماضي في الشرق الإسلامي، بل اكتفى بدراسة حركات الإصلاح على التحديد المتقدم كما يمثلها (أبرز) زعمائها، وهو مع ذلك لم يوجه عناية ممتازة بتصوير (شخصيات) هؤلاء الزعماء البارزين القلائل، ودراستهم دراسة بيوجغرافية بل أقنع من لك مع أكثرهم بأقل ما يكفل فهم الصلة بين شخصية المصلح وإصلاحاته مع اقلهم بما لا يقيد شيئا في فهم هذه الصلة التي لا بد من فهمها وهو يهتم في دراسة الزعماء أحيانا ببيان بيئتهم وأثرها فيهم، وبيان ما ورثوا من أصولهم، ويتمسك بتطبيق ذلك عليهم وعلى أعمالهم وإصلاحاتهم ولكنه يأتي مثلا في فصل الشيخ محمد عبده فيعترف بأن نبوغ النابغ يعتمد على عنصرين: استعداده الفطري وبيئته التي عاش فيها، ويلتوى على أستاذنا تطبيق ذلك على الشيخ الإمام، فينفض يديه عنه جملة، ويقول (إنه هكذا خلق)(ص١٨٥) ولا عجب في ذلك عندنا لأن مجال أستاذنا الجليل الذي تظهر فيه ملكاته الذهنية الأصيلة - كما قدمنا - دراسة الحركات العقلية، ولانقول فيه إلا ما قال في الشيخ الإمام (إنه هكذا خلق) وذلك حسبنا وحسبه أيضا كي يكون من أعلامنا الذين نفخر بهم ونطاول بهم أمثالهم في شتى الأممعن ثقة وجدارة.
ليس في الكتاب دراسة جليلة ولا تافهو لديفاليرا ولامزاربك ولا طيلاق ولا غاندي ولا تشانج كأي شيك ولا مصطفى كمال ولا سعد وغلول ولا قاسم أمين ولا أحد من كثير أمثالهم، وإن كانوا جميعا من (زعماء الإصلاح في العصر الحديث) بل من أبرز زعمائه، وفيهم ما لا يقل في عظمته وأثره فينا وقربه منا، وصلته بنا عن كثير من الزعماء الذين اختارهم المؤلف الكبير.
وقد خلا الكتاب - مع أنه تاريخي - خلوا تاما منذكر المراجع: فلا إشارة إليها مفصلة، ولا مجملة في حواشي الصفحات، ولا تعديد لها في أول الكتاب ولا في آخره، ولا في أوائل الفصول ولا أواخرها، ولعل غاية المؤلف من كتابه هي شفيعه في هذا السكوت، فهو كتاب موجه إلى الشباب كي يثير جمعهم، ولا حاجة مع هذه الغاية إلى ذكر المصادر، لأن (الثقة)