أو في الغرفات البعيدة أو في الدور النائية من هذه الدار التي أنت فيها) ومما تضمنه مقال الدكتور طه أن المصريين كانوا قلة في مؤتمر اللغويين، وكانوا كثرة في مؤتمر المستشرقين ومع ذلك فانهم اكثر ما ألقى فيه من حديث (فلم يشهد المصريون إلا ثلاثة أقسام من عشرة أقسام، لا لأن أجسامهم لم تطاوعهم ولا لأن عددهم لم يطاوعهم، بل لأنهم مع الأسف الشديد لم يؤتوا من العلم إلا قليلا، فهم قد استطاعوا أن يشاركوا فيما يتصل بالدراسات الإسلامية وبالدراسات السامية وبالآثار المصرية القديمة والقبطية والإسلامية، فأما عدا ذلك من شؤون الترك والفرس والهند والصين ومن شؤون الدراسات اليونانية الرومانية في الشرق القريب والبعيد فلم يشارك المصريون فيه لأنهم لا يحسونه ولأنه لا يدرس في بلادهم، ولأن بلادهم لم تفكر بعد في أن تهيئ أبناءها للتخصص في فنون العلم على اختلافها).
الدكتور طه بين مصر وفرنسا:
وعلى ذكر المقالات التي يوالى الدكتور طه كتابتها للأهرام من باريس - أقول إنه لوحظ في بعض عباراتها ما يدل على أنه عاتب على مصر، أو غير راض عما يتعلق بشخصه فيها، أو كما نقول بلغة الحديث العامية (واخد على خاطره) فقد قال في أولى هذه المقالات إنه سيعود إلى مصر يوم تدعوه إليها. . . وفي المقال (بين مؤتمرين) المتقدم ذكره، ختم الحديث عن وفد مصر غير المستكمل للدراسات المختلفة بتوجيه الكلام إلى الهيئات التي أوفدته، فقال (وأول هذه الهيئات المختصة مجلس الوزراء الذي أوفد إلى المؤتمر وفدا مصريا أستثنى نفسه منه، ثم أقول بعد ذلك إنه شرف مصر حقا) وجاء في بعض الأنباء أن الدكتور طه سيسافر إلى إحدى القرى الفرنسية للاستجمام، ثم يسافر إلى إسبانيا لإلقاء محاضرات أدبية ببعض معاهدها وجامعاتها، تلبية لدعوة حكومتها، ولم يرد في النبأ ذكر لعودته إلى مصر.
ويدل استثناؤه من الوفد الذي أوفد مجلس الوزراء على أن الأمر إنما هو بينه وبين الدولة، ولكن ألم يوفده مجمع فؤاد الأول للغة العربية وهو من الدولة؟ ولنفرض أن الدولة جافته في بعض الأمور، فهل هذا يؤدى إلى التدلل على مصر وهجرانها وهي تقدره حق قدره؟ وماذا صنعت فرنسا للدكتور طه مما لم تحققه له مصر، فرضى عنها واخذ أمورها مأخذ