ولولا ذلك لجرى على كلمة (الأشياء) ما جرى على كملة (أفياء) وأمثالها بتكرار (إن) في قوله تعالى: (ما نزال الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير) كما يقول الأستاذ العجمي، فإن القياس مع الفارق كما يقولون؛ إذ من الممكن بل من الحسن الوقف على كلمة (شئ) في هذه الآية وفي الآية الثانية التي أوردها الأستاذ العجمي، ويكون البدء بما بعد كلمة (شئ) في الآيتين مما يزيد المعنى قوة؛ وإذا لا يتوالى المقطعان، على أن همزة (شيء) مسبوقة بحرف لين صامت وهمزة (أشياء) مسبوقة بحرف مد صاعد ولذلك تأثيره في نقل المقطعين، أما كلمة (أشياء) في آية المائدة (وهي محل البحث فإنها مرتبطة بما يليها من الآية الكريمة ارتباط الموصوف بصفته؛ والصفة هنا قيد في صاحبها، فلا بد من وصلها حتى يكون معنى النهي في الآية واضحا ولا بد إذا من توالي المقطعين، وهذا ما أجعله علة المنع من الصرف؛ وعلى ذلك يمكن القول - في غير حرج - أو ورد كلمة (أشياء) غير مصروفه راجع إلى الجو المحيط بها في الآية الكريمة فلو خرجت منه جاز عليها ما يجوز على سواها.
ولا محل بعد ذلك للاعتراض الذي أدلى به الأستاذ محمد غنيم وخلاصته أنه لو كانت الكلمة معروفة لضبطت همزتها الأخيرة بالجر من غير تنوي؛ فأنها بلا نزاع غير مصروفه (في الآية الكريمة) فيجرى عليها حكم الممنوع من الصرف كاملا وتجر بالفتحة؛ ولكن المنع صرفها سبباً فنيا غير الذي قالوه؛ فهو في رأي المتواضع (ولا يؤاخذني الأستاذ العجمي) مبنى على اعتبار حسن الجرس والتناسب وعند القدامى الذي ندين لهم بالحق وعرفان الجميل مبنى
على أسباب شتى ألمعنا إلى بعضها في صدر المقال.
٢ - أخطاء مشهورة:
كثيرا ما نقرأ في الصحف والمجلات بله كراسات الطلبة والتلاميذ - كلمات جرت على اللسنة، واستفاضت؛ حتى ليحسبها من قلت درايتهم بمتن اللغة من الصحيح؛ ولعل من الخير للغة ودارسيها، أن يتعقب أهل الدراية هذه الكلمات بالنقد البريء والإرشاد الهادئ السديد، وعلى منابر الصحافة العالية متسع لمن أراد الإصلاح؛ ومن ذلك أنني قرأت أمس في (الأساس) لشاعر ناشئ مقطوعة ظريفة بدأها ببيت مشتملعلى كلمة (النضوج) وفي باب