للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نقيم معاً وليس لنا تلاق ... بيت ما لنا منه براح

وجاء في الأغاني (وبع وفاته كان الفتيان يجيشون إلى قبره ويصبون القدح إذا انتهي إليه على قبره) وجاء في مسالك الأبصار عن حانة عون (أن عوناً كان ظريفاً طيب الشراب نظيف الثياب وكان فتيان الكوفة يشربون في حانوته ولا يختارون عليه أحداً).

وجاء في حلبة الكميت قال السري الرفا الموصلي:

وفتية زهر الآداب بينهم ... أبهى وأبهج من زهر الرياحين

مشوا إلى الراح مشى الرخ فانصرفوا ... يمشون من شربها مشى الفرازين

(في المنجد الرخ طائر وهمي كبير وأيضاً قطعة من قطع الشطرنج الجمع رخاخ ورخخة: وفرازين جمع فرزان وهي الملكة في لعب الشطرنج).

وبدهى أن الفتوة في النصوص الأخيرة لم تستعمل في المعاني التي استعملت فيها إشعار الحماسة وغيرها التي تقدمت، وإنما استعملت في معنى الانغماس في اللهو والسكر والسماع، وقد نسب الثعالبي في كتابه (الخاص للخاص) بيتين للأعشى أورد فيهما (فتى) في ذلك المعنى فقال:

وكأس شربت على لذة ... وأخرى تداويت منها بها

لكي يعلم الناس إني (فتى) ... أتيت المروءة من بابها

وقد أكثر في الأغاني استعمال الفتوة في هذا المعنى فقد جاء في الجزء السابع وكان الوليد بن يزيد من (فتيان بين أمية) وظرفائهم وشعرائهم وأجدادهم وأشدائهم، وكان فاسقاً خليعاً متهماً في دينه مرمياً بالزندقة وشاع في أمره وظهر حتى أنكره الناس فقتل.

وعن الوليد أيضاً أنه أبلغه أن جماعة من بني مروان يعيبونه بالشراب فلعنهم وقال أنهم ليعيبون على ما لو كانت لهم فيه لذة ما تركوه وقال هذا الشعر وأمر عمر الوادي أن يغني فيه وهو من جيد شعره ومختاره:

ولقد قضيت وأن تجلل لمتى ... شيب - على رغم العدا لذاتي

من كاعبات كالدمى ومناصف ... ومراكب للصيد والنشوات

في (فتية) تأبى الهوان وجرههم ... شم الأنوف حجاحج سادات

أن يطلبوا بتراثهم يعطوا بها ... أو يطلبوا لا يدركوا بتراث

<<  <  ج:
ص:  >  >>