الرجوع، فكتب الشيخ كتاباً إلى الشيخ إسماعيل الحرستاني وطلب منه أنه يسلم له على الحاج إبراهيم الدكاني ويستدعيه فلما حضر، أذن للشيخ مصطفى بالسفر.
وممن زاره في حلب الحاج على الكارجي (وطلب منه الخوة، ورجا الذكر يوم الفتوة) فأنا له مأموله، واستصحبه معه إلى (الحلوية) وحضر ذكر السيد محمد، خليفة الشيخ قاسم الخاني وكان المنشد الشيخ حسن، وكان ينشد أبيات سيدي أحمد ابن عبد الله الإسكندري ولما وصل إلى قوله:
أنا المذنب الخطاء والعفو واسع ... ولو لم يكن ذنب لما حسن العفو
فبكى وأبكى الحاضرين. وكان الشيخ يتردد على هذا المجلس لالتماس البركة مستعملا الذكر القلبي الخالي عن الحركة ويقول عن أهل حلب والعهدة عليه (ورأيت في هذه الكرة أن أهل حلب عندهم رقة وخلاعة بالمرة، وأنهم أخلع من أهل الشام للعذار وأشجع في تناول أقداح الغرام لوجد ثار، وأهل الشام أجلد في السير وأخلد في طلب المير لأرض الخير، فإني كنت أراهم عند سماع الأشعار المديحية في رمضان يبكون ولدى قراءة القرآن لهم خشوع وسكون).
ولما سمع زوج والدته الحاج إبراهيم الطويل بنية الشيخ زيارة بغداد منعه وأقسم عليه، خوفاً من الحر ومن شر العربان. فعزم على زيارة سلطان الزهاد إبراهيم بن أدهم. فتوجه في منتصف شوال إلى تلك المحال، وسار إلى قرية (كفتيين) وهي من قرى طرابلس الشام، وهم ليسوا من أهل السنة، ينتظرون نزولالحاكم بأمر الله، ووصل (جبلة) وزار مقام إبراهيم بن أدهم وأقام هناك ذكراً.
وسار في اليوم الخامس والعشرين من رجب ومر على طرسوس، ورأى قلعة ارواد، وجاء الرفاق منها بزاد، وشاهد قلعة المرقب المنيعة، وبات قريباً من البلد في مكان نزيه يقال له بركة البداوي. وقدم إليه الشيخ مصطفى القلا ونزل مدرسة الحدادين ثم خلوة الجسر المكين، ثم القادرية البهية، واختلى بها عشر ذي الحجة. وكان الشيخ عبد الله الخليلي المهتدي يتردد عليه، ومدرسة الحدادين قريبة من دار السيد مصطفى القلا، وانضم إليهم الحاج محمد بن الحاج موسى العطار، ثم الشيخ مصطفى الرفاعي ودعاه لداره، وطلب الطريق وتبعه الشيخ عامر الصعيدي، وكانا لا ينفكان عن قرائه الأوراد الأول في تكيته،