كان شاعراً، أو آثر لعقود ولو خلقه الله راغباً في الإصلاح!.
وهل لنا فائدة في تحطيم الأقلام أو كمّ الأفواه أو إسكات العبقرية أو قعود القادرين على العمل؟.
لا والله لا يعتب على هذا الزهري منصف بعد تلك الكلمة اليائسة المتشائمة التي تفيض ارتياباً بإمكان إنقاذ الأزهر من ورطته. . .
فيا سيدي الأستاذ:
إنك تعلم أن الرغبة شئ والعمل شئ آخر، ويؤسفني أن أصرح لك بأننا لم نكن إلى اليوم سوى راغبين، ولم نحاول أن نكون عاملين: وإن الأزهر من الميادين إن وجد العاملين نهض وانبعث، وإن وجد المتشائمين تلاشى ومات.
الأزهر صورة من حياة الشرق الذي دبت فيه الفوضى، بل من حياة المسلمين في القرن العشرين: طعام وشراب، وأوهام وأحلام!.
ولا والله ما ضر المسلمين أكثر من التشاؤم، ولا أضعف جهودهم أكثر من القنوط!.
إن دخلنا المساجد يوم الجمعة نستمع الإرشاد صدع الخطباء قلوبنا بأننا أمة التأخر والانحطاط وأن لا أمل في نهوضنا؛ وإن قرأنا صحيفة من صحفنا وجدناها قليلة الثقة برجال تعمل، أو جماعات تضم الشتات؛ وإن سألنا مفكرينا آراءهم في مستقبلنا أفزعونا بنبوءات كأنها الليل المظلم: فلحننا دائماً حزين، ونغمنا أبداً شاك، وقيثارتنا في كل وقت باكية!.
هذه علتنا معشر المسلمين في جميع الميادين - لا علة الأزهر وحده في محيطه الخاص، فأنا لينقصنا عنصر التشجيع، فلا نشكر عاملاً على صنيع، وإنما نقابل الناس بالوجه العبوس حين نستطيع أن نلقاهم بالوجه الطليق!.
أيها المسلمون: شجعوا الأزهر ولا تقنطوه، وساعدوه على القيام من عثرته ولا توئسوه، وأصغوا إلى صوته ولا تخجلوه، وامنحوا ثقتكم للبقية الصالحة من الشيوخ والشباب، فسترون الأزهر الوثاب!.
ويا أيها الكتاب: أقنعوا الرأي العام بتغيير نظرته القاسية إلى الأزهر حتى تشعروه بشيء من الثقة بنفسه؛ حتى إذا لم ينفع تشجيعكم عودوا علينا باللائمة إن كنتم فاعلين.