فيه سجية، كما قال عن نفسه ذات مرة، وهو إلى هذا واسع الاطلاع، وذخائره أكثر مما تحويه صفحة صفحة (الحديث ذو شجون) على كثرةما تحوي.
ولذلك عجبت من أن يستعمل (الصعلكة) كما وقعت في عبارته السابقة، استعمالاً يجعل من مدلولها الضعة والتسكع، مجارياً في هذا ما شاع على ألسنة غير المحصلين. فالصعلوك هو الفقير، وليس بلازم أن يكون الفقير حقيراً. ومن الغريب أن الاستعمال الشائع لهذه الكلمة الآن على عكس ما كان يطلقها العرب قبل الإسلام على طائفة من الفتاك المعدودين المقدمين، كانوا يسمونهم (الصعاليك) ومنهم الشعراء المبرزون كالشنفري وتأبط شراً والسليك بن السلكة وعروة بن الورد الذي كان يلقب عروة الصعاليك لجمعه إياهم وقيامه بأمرهم إذا أخفقوا في غزواتهم وكانت غزواتهم هي السطو على أحياء العرب للسلب والنهب، ولهم في ذلك أخبار وقصص عجيبة، يقوم جانب منها على ما عرف به بعضهم من المهارة في العدو. وكان هذا مظهراً من مظاهر الفتوة والوجاهة في الحياة الجاهلية.
ولا شك أنه يصح أن يقال إن الشاعر عبد الحميد الديب كان صعلوكا، بمعنى فقير، ولكن الذي يقصده الدكتور زكي مبارك هو المعنى الشائع على ألسنة المعاصرين، كما يدل تعبيره (احترف الصعلكة، فالفقر لا يحترف. وقد عنيت بمناقشة الدكتور في ذلك، لأنه من أئمة الجيل، وتعبيره هذا يوحي إلى الناشئين أن الصعلكة هي الضعة والتسكع. وهذا لا يجوز. . .
استهداء الكتب:
كتب الأستاذ أحمد الصاوي محمد بأخبار اليوم، معلقاً على كتاب ورد إليه من المجلس البلدي بكفر الزيات يستهديه فيه كتبه للمكتبة التييزمع إنشاءها، ففند هذا المطلب، وقال: (ففي كل يوم تستهدينا كتبنا المجالس البلدية والمحلية والأندية الرياضية والجمعيات الثقافية والأدبية، ولو كانت كتبنا كالجميز لا فتقرنا وشحذنا من إهداء كل هذا الجميز وتوزيع كل هذا الترمس. . . مجاناً!!).
والأستاذ الصاوي محق في هذا من غير شك، وخاصة فيما يتعلق بالهيئات الحكومية التي تطلب الكتب من مؤلفيها بالمجان، وهي تعتمد الاعتمادات وتنفق الأموال في كل وجه وتريد أن ترزئ المؤلفين في مؤلفاتهم التي سهروا الليالي، وبذلوا من أعصابهم، وسكبوا