عصارات أفكارهم، في تأليفها، ثم أنفقوا على طبعها ما يرجون أن يجمعوه على الأقل من ثمن النسخ.
فهذه المجالس البلدية والمحلية التي تسخو في الاستقبالات وإعداد الاستراحات والمرفهات - تقبض يدها عن المؤلفين وتبسط لهم يد التظرف بالثناء والاستهداء، كأنها تحسب أن المؤلف لديه ضيعة تنبت فيها الكتب بغير حساب.
ويظن هؤلاء المستهدون أنهم يقدرون المؤلف تقديراً أدبياً باستهداء كتابه، فإذا كان الأمر كذلك فكل الناس مستعدون (لبذل) هذا التقدير الذي لا يغني من جوع. . . وهل تستطيع أن تطلب من مصنع - مثلاً - شيئاً من مصنوعاته وتدفع ثمناً له تقديرك لدقة صنعه ومهارة صانعه؟.
التمثال والإبريق:
تلقيت الكتاب التالي من الأستاذ إسماعيل كامل رئيس قلم المناقضات بوزارة المعارف:
(. . . وبعد فقد سبق لشخصي المتواضع أن كتب أقصوصة بمجلة مسامرات الجيب الصادرة في ١٥ يونية سنة ١٩٤٧، بعنوان (دش بارد).
(وكان اغتباطي شديداً وممزوجاً بالأسف المر عندما وجدت بمجلة الثقافة الصادرة في ٢٣ مارس سنة ١٩٤٨ أن هذه القصة بالذات تقدم بها الأستاذ محمد أمين حسونة في مباراة القصة القصيرة في مهرجان الشباب لسنة ١٩٤٨ فنال بها الجائزة المالية الأولى. وكان اغتباطي لتقدير لجنة التحكيم (حامل) قصتي وإيثاره بالجائزة الأولى. . . وهأنذا أرفق كتابي بعددي الثقافة والمسامرات لعل الحقيقة تحظى بمناصرتكم، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانوينة من ناحيتي).
قرأت هذا الكتاب، ونظرت إلى المجلتين المصاحبتين له، فرأيت قصة (دش بارد) بالمسامرات تتلخص حادثتها في أن شاباً أراد أن يبعث إلى خطيبته بهدية في عيد ميلادها، وحار في ذلك لقلة نقوده. . . ثم رأى بمحل تماثيل تمثالا مهشما إلى أربع قطع، فخطرت له حيلة. . . اشترى التمثال وأخذه من البائع بعد أن لفه، وأرسله بالبريد إلى خطيبته، مقدراً أنها عندما تراه مهشما تعزو ذلك إلى إهمال عمال البريد. ثم حرص الشاب على أن يكون عند فتاته وقت وصول الهدية. ولكن حدث عندما وصل (الطرد) أن فتحته الفتاة