إذ (القَبَلُ) هو كل شئ في مستهل وجوده، أو على حد تعبير المعجمات: هو الشيء أول ما يكون؛ وما زالت أبحث في هذه المسألة وأدير الحوار حولها مع الثقاة من أهل البصر باللغة حتى انتهيت إلى ما أعتقده فيها، وخلاصته أن كلمة (قبل) ظرف مبني على الضم لحذف المضاف إليه، ونية معناه كبقية (الغايات) وهي ظروف محصورة في كتب النحاة منها: بعد ووراء وخلف الخ، وأن كلمة (ذي) ليست بمعنى صاحب - كما يتبادر إلى الذهن - ولكنها اسم موصول يستعمل في لغة طْيء للمفرد وغيره مذكراً ومؤنثاً كما هو منصوص في المصادر النحوية كشرح (ابن عقيل) وحاشية (الخضري)، وإنها قد تأتي مبنية بلفظ واحد وهو (ذو) رفعاً ونصباً وجراً، وقد تعرب بالواو رفعاً وبالألف نصباً وبالياء جراً عند قوم من طْيء فتكون في أحوال الإعراب مثل (ذي) بمعنىصاحب التي هي من الأسماء الخمسة، وعلى هذا الوجه يمكن توجيه الأسلوب، ويكون الظرف المبني على الضم صلة الموصول باعتباره شبه جملة على حسب ما شرحه النحاة.
وإذاً يكون المعنى: هذا الشيء خير من الذي كان قبله، أو هذه الحالة أحسن من التي سبقتها وهكذا، وبذلك يستقيم اللفظ وينسجممع المعنى المراد، والسلام.
محمود البشبيشي
التناسب. وجو الآية. وحسن الجرس. وتكرير المقطع:
يظهر أن هذه الكلمات ونظائرها حبيبة إلى الأستاذ الفاضل محمود البشبيشي، ولها بالقلب نوطه، فهو يألفها ولا يفتأ يلهج بها ويكررها!.
ولو كانت تلك الكلمات تحل ما نحن بصدده لقلنا: لقد أتى الأستاذ بما لم يأت به الأوائل، واستدرك ما فاتهم وطلع علينا برأيطريف له دعامة من الحق تسنده، ولكن الأستاذ أخذ يردد كلمة التناسب ويظنها حجة له وهي على الضد مما يرى إذ ما شأن التناسب هنا في موضوعنا؟ التناسب الذي أورده ابن مالك في ألفيته إنما أورده في الأسباب التي تجعل الممنوع مصروفاً، ومثار البحث مقصور على أن المصروف قد لا ينصرف، وذلك عند الاضطرار لا التناسب. وبالرغم من هذا ليست الآية شعراً حتى نقول: إن اضطرار الوزن أدى بكلمة أشياء أن تمنع من الصرف وهي مصروفة وبهذا عرف موضع هاتين الكلمتين: