وحبذا وادي حماة الرحب ... حيث زها العيش به والعشب
أرض السناء والهناء والمرح ... والأمن واليمن ورايات الفرح
ذات النواعير سقاة الترب ... وأمهات عصفه والأب
تعلمت نوح الحمام الهتف ... أيام كانت ذات فرع أهيف
فكلها من الحنين قلب ... لا سيما والماء فيها صب
ويستطيع طلاب الموازنات، ومحبو المقارنات، أن يجدوا مجالاً واسعاً للموامنة بين قصيدة ابن نباتة هذه، وقصيدة أخرى لمعاصره صفي الدين الحلي. فقد كان صفي الدين أحد الأدباء الذين هووا إلى حماة، في عهد ملكها المؤيد. فنال من جداه، ونعم بهداياه، ومدحه بقصائد غر ممتعة. وقد شهد صفي الدين وفاة المؤيد عام ٧٣٢هـ، ورثاه. ثم هنأ ابنه الأفضل بملكه الجديد، ثم مدحه بقصائد أخرى نفيسة. من بينها موشحة نظمها عام ٧٤٠هـ وصف فيها رماية البندق والصيد والقنص في مرج من مروج حماة، وفيها يهنئ الأفضل بعيد الفطر. وفي مطالع هذه الموشحة يقول:
قم بي فقد ساعدنا صرف القدر ... وجاء طيب عيشنا على قدر
فكم علا قدر امرئ وما قدر ... فارضعُ بنا در الهنا إن تلق در
فالشهم من حاز السرور إن قدر
وقد صفا الزمان والأمان ... وأسعد المكان والإمكان
وأنجد الإخوان والأعوان ... وقد وفت بعدها الأزمان
والدهر تاب من خطاه واعتذر
ومنها يصف الأطيار:
أما ترى الأطيار في تشرين ... مقبلة بادية الحنين
قريقها ناب عن الأنين ... إذا رنت نحو المياه الجون
يأمرها الشوق وينهاها الحذر
هذه أبيات من قصيدة صفي الدين التي نود لو نتناولها - أو يتناولها أحد الأدباء - فيوازن بينها وبين (مصائد الشوارد) لابن نباتة. فالشاعران متعاصران. والقصيدتان صيغتا في مدح ملك واحد هو الأفضل صاحب حماة. والمناسبة التي قيلت فيها إحداهما، شبيهة