وتشجيعها لتنمو وتكبر عن طريق المصانع الصغيرة أولا في البلدان المزدحمة بالسكان والتي تكثر فيها الأيدي العاملة، ويشرف عليها موظفون مختصون مهمتهم أولا تعليم أكبر عدد ممكن من الأهلين بنين وبنات، ولكن المشكلة القائمة الآن هي صعوبة المواصلات بين هذه البلاد بعضها وبعض، وعسى أن تحل هذه المشكلة وتذلل هذه العقبة حتى تسود هذه المنطقة صيغة صناعية ويجرفها التيار الصناعي، وبخاصة حينما تكفيها كهربة الخزان مؤونة الوقود، وتتكشف للناس كنوزها الدفينة من ذهب وقصدير وحديد.
والبيت النوبي على درجة كبيرة من النظافة وحسن التنسيق تلمس النظام في كل ناحية من نواحيه ورجو من أرجائه، سواء في ذلك بيت الغني والفقير، والفرق بينهما في بناء البيت نفسه ومواد البناء، فبيت الغني متسع رحب مبني بالحجارة من الجبال المحيطة به متعدد الحجرات، وبيت الفقير في الغالب من الطين، وسقفه من جذوع النخيل وسعفها، ولكنه مع ذلك يشرح الصدر ويملأ القلب راحة وطمأنينة وهدوءاً، ومن جذوع النخيل وسعفها يسقف الغني بيته كذلك، إلا أنه يطلي السقف بطلاء ملون، ويزخرفه زخرفة فيها كثير من العناية والمبالغة، بحيث يبدو كقطعة فنية جميلة من أجود أنواع الأخشاب، عملت فيها اليد الصناع عملها، حتى أصبحت تستهوي العقول وتجذب الأنظار.
وتعجب لهذا الذوق السليم في كيفية البناء نفسه، فالبيوت بوجه عام تتكون من طابق واحد ذي فناء واسع، ومن النادر أن تجد بيتاً من طابقين، وحول البيت بناء قصير بارز يشبه المصطبة في ريفنا ويستعمل استعمالها. . . وشكل البيوت من الخارج هرمي تقريباً، وبالغرف فتحات صغيرة مستطيلة ومثلثة قرب السقف الغرض منها التهوية الدائمة، وحجرة الجلوس واسعة مستطيلة قد يبلغ طولها في بعض البيوت أثنى عشر متراً، والأبواب والنوافذ تدهن بألوان زاهية جداً، وقد يكون لبعض البيوت الكبيرة شرفات مسقوفة في الغالب لاستقبال الأضياف والترويح عنهم، ويزخرف المنزل من الخارج بأطباق الصيني الملونة تغرس في البناء نفسه بشكل منظم جميل يراعى فيه التناسب، كأنما وضع تصميمه مهندس معماري بارع، وقد يستغني عن الأطباق الصينية بقوالب من الطوب توضع بشكل بارز بحيث تكون أشكالاً هندسية دقيقة، فمن دوائر وأقواس إلى مستطيلات ومربعات ومثلثات وزوايا، مما يزيد البيت روعة وجمالا، وفي ناحية الشلال