مسروراً، إذاً لوجب عليها أن تكون سعيدة من أجله. ومع ذلك. . . كان في استطاعته أن يخبرها تليفونياً. وعادت إلى فراشها وتنفست في هدوء عندما أقبل ولدها، وحياها في مرح وهو واقف على عتبة غرفتها وقال (لقد ظننتك نائمة إن الساعة الآن حوالي الثانية). كان يشوب صوته نبرات من الحماس. وتمطت ثم مسحت عينيها وتمتمت قائلة.
- يغلب على ظني أنى نمت وتركت النور مضاءاً دون أن أطفأه. مساء الخير يا عزيزي. ثم مدت يدها لتطفئ النور. ولكن ولدها تقدم في الغرفة ووقف أمام فراشها ينظر إليها، ثم قال
- أظنك لم تسمعي ما قلته. إنها الآن الساعة الثانية صباحاً.
وتظاهرت بالدهشة ثم قالت - نعم إنها الثانية. حسناً. . . ليلة طيبة يا بني. ونظر إليها مستغرباً ثم قال - ألست عاتبة على؟! فتثاءبت وقالت - ولماذا أعتب عليك؟
- ولكنى قلت إني سأعود قبيل منتصف الليل. إني آسف إذا كنت قد أقلقتك. وأظن أن جدتي قد رفعت عقيرتها حتى السقف. إنه لا فائدة من إخباره الآن أن جدته قد رحلت غاضبة بعد أن يأست من التحدث معها عن (طيشه وتأخره) فقالت - لم أكن قلقة على الإطلاق: - هذا حسن. كان يجب على أن أخاطبك تليفونياً، ولكن. . . ما الأمر؟! هل الضوء قوى؟! وأنزلت عينيها عن موضع أحمر الشفاه الملطخ به خده وقالت في بطء أجل. . . إنه الضوء. . . وضغطت على أداة إطفاء النور، وغمر الليل الهادئ الغرفة. إنها لن تر أحمر الشفاه في ذلك الضوء. كانت تعرف بأنه لو كان عنده ما يقوله لها هذه الليلة فأنها لا ترغب في أن تفرض عليه القول فرضاً كأنه واجب يتحتم عليه أداءه. إنه ليكون أقل ارتباكا إذا ما اعتقد بأنها لم تلحظ هذه البقعة الحمراء. ولكنها كانت تشعر في قرارة نفسها أن ما شاهدته لم يكن سوى نصف الحقيقة. وكانت غريزتها تهيب بها أنه يتحتم عليها أن تنتظر حتى يطلعها على النصف الآخر، أو. . . أو يفضي إليها بالأكذوبة التي تخشاها. فقالت:(هل هناك فتيات في هذه الحفلة الليلة؟). انساب ذلك السؤال منها دون أن تتمكن من كتمانه، وانتظرت في لهفة الرد عليه، وخيل إليها أنه أبطأ في الرد كثيراً عندما قال:(كلا. . . كلا). ولم ينظر إلى عينيها عندما استمر يقول:(لم يكن هناك ألا رفقائي. . . ولكن. . . يوجد شئ آخر أود أن. . .) فقاطعته قائلة وهى تحاول الاحتفاظ بهدوئها: