الصدد عنوانه (الأنانية هي الأساس المتين الذي يجب أن تقوم عليه الهيئة الاجتماعية).
والأنانية تتطور عند الطفل وتأخذ صورة اجتماعية معينة هي بدء الشعور بعزة النفس والكرامة؛ يشعر الطفل في هذه الفترة بحاجة ملحة إلى الإطراء والثناء من جانب الغير، فتراه تواقاً لعرض ما يمتلك من أدوات اللعب وما يرتدي من ثياب في شئ من الزهو والمباهاة، ثم يقوم أمامك بما يحسن وما لا يحسن من ألعاب، أو يلقي على مسمعك ما وسع اجتهاده وما وعت ذاكرته الضعيفة من دروس أو أغاني، وهو في كل ذلك حريص كل الحرص على أن ينال منك أكبر قسط من الثناء والتهاني، كما يسيئه أن تمتدح أمامه طفلا آخر فيشعر بشيء من الغبن ويتألم لجرح كبريائه.
هذا والشعور بالكرامة نفسه يتطور إلى غيره من الصفات، فهو إذا صادف تشجيعاً من الغير وسلم من عوادي التجريح سما إلى شئ من الاعتماد على النفس والشجاعة والكبرياء، وهي صفات مصدرها الشعور بالقوة؛ أما إذا حال حائل دون نموه الطبيعي بمعنى أن أصيب بالكبت والقهر من جانب القساة من الوالدين او وجه توجيهاً خاطئاً بواسطة الجهلاء من المربين، فإن هذا الشعور ينحرف ويشذ ويصبح الطفل خجولا أو جباناً كما تولد في نفسه عاطفة الحسد والحقد على الغير وهي صفات منحدرة من الضعف وعدم الاعتداد بالنفس.
ظهور الشخصية واكتمالها عند الطفل:
يبدو هذا الطور عند الطفل في نحو الثالث من عمره كشخصية قائمة بنفسها ويمر الطفل أثناءه بطورين متضادين:
الطور الأول سلبي: يكون فيه الطفل عصياً شديد العناد يعمل في معظم الأحيان بعكس ما يلقى عليه من تعليمات على حد المثل (خالف تعرف) ويجد في ذلك لذة نفسية تنتج عن شعوره بشخصية مستقلة عن الغير تعمل حسب ما يوافق هواها، كما يبدأ التفريق بين ماله وما لغيره وهو شديد الضن والحرص على ما يمتلكه إذ تلك الممتلكات خاصة بشخصه يرى فيها مكملا لتلك الشخصية ومساعداً لبروزها.
والطور الثاني إيجابي: يحاول الطفل فيه جلب أنظار الغير بشتى الطرق، ثم يبدأ بتقليد الغير لا من الصغار أو من هم في مثل سنه ولكن بالكبار من مختلف الأوساط والهيئات