أبو الحسن، يعرف بالمؤدب من أهل بلدة فالة، موضع قريب من أيذج، انتقل إلى البصرة فأقام بها مدة، وقدم بغداد فاستوطنها، وكان ثقة، له معرفة بالأدب والشعر، ومن شعره قوله:
تصدر للتدريس كل مهوس ... بليد تسمى بالفقيه المدرس
فحق لأهل العلم أن يتمثلوا ... ببيت قديم شاع في كل مجلس
(لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كلاها وحتى سامها كل مفلس
ومنه ما رواه عنه تلميذه الخطيب التبريزي:
لما تبدلت المنازل أوجهاً ... غير الذين عهدت من علمائها
ورأيتها محفوفة بسوى الألي ... كانوا ولاة صدورها وفنائها
أنشدت بيتاً سائراً متقدماً ... والعين قد شرقت بجاري مائها
(أما الخيام فإنها كخيامهم ... وأرى نساء الحي غير نسائها)
ثم ساق حكاية بيعه كتاب الجمهرة نقلا عن الخطيب التبريزي أيضاً وفيه شئ يخالف ما في ابن خلكان، قال وحدَّت أبو زكريا النبريزي قال: رأيت نسخة من كتاب الجمهرة لابن دريد باعها أبو الحسن الفالي بخمسة دنانير من القاضي أبي بكر بن بديل التبريزي وحملها إلى تبريز، فنسخت أنا منها نسخة فوجدت في بعض المجلدات رقعة بخط الفالي فيها:
(أنست بها عشرين حولا. . .) إلى آخر الأبيات.
فأريت القاضي أبا بكر الرقعة والأبيات فتوجع وقال: لو رأيتها قبل هذا لرددتها عليه، وكان الفالي قد مات، اهـ.
أقول لعل الفالي رحمه الله باع هذه النسخة في صفقة ثانية بعد أن أعادها إليه الشريف المرتضى. والبيت الأخير من أبياته تضمين لما قاله أعرابي باع لحمزة بن عبد الله بن الزبير بن العوام جملا بخمسين ديناراً، فلما نقده ثمنه جعل الأعرابي ينظر إلى الجمل ويقول:
(وقد تخرج الحاجات يا أم مالك ... كرائم من رب بهن ضنين)
فقال له حمزة: خذ جملك، والدنانير لك، فانصرف بجمله وبالدنانير. ومن شعر الفالي أيضاً في شهر الصوم:
رمى رمضان شملنا بالتفرق ... فيا ليته عنا تقضَّى لنلتقي