للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلوم الشرقية الألمانية تأسست في سنة ١٨٤٥ بمدينة ليبزج، ومعهد اللغات الشرقية ومدرستها في سنة ١٨٨٧ ببرلين، على حين تأسست جمعية فيينا قبل ذلك باسم الأكاديمية الشرقية، أما في باريس فقد عرفت باسم وعدا هذه جمعيات لندن وبطرسبرج وغيرهما.

كل هذا من أجل الشرق بما حواه، ولم تكن هناك وسيلة لغزوه أفعل من وسيلة العلم، فلن تجد في أوربا من ينكر الخير العميم الذي جاء كالغيث على أهل أوربا نتيجة لتأسيس تلك الجمعيات التي هب الكثيرون من أعضائها للرحيل إلى الشرق للدرس الجامع الشامل والقيام بأعمال الحفر الأثرى استكمالاً لما شاهدوه منها ظاهراً يسحر الألباب!

ولهذا فلا عجب عند ما نجد كل المراجع الحديثة ذات القيمة العلمية في البحوث الشرقية والإسلامية باللغات الأوربية.

ولكن الموضوع لا يقف عند هذا الحد، إذ اتضح بعد وضع المؤلفات عن الشرق وما فيه افتقارها إلى الأسلوب العلمي الذي لا يكون إلا بالتخصص، ولما كانت هذه المؤلفات قد اشتملت ضمناً على التراث الفني المجيد، وفيه مجال فسيح الأفق لا يصل إلا الدارس، رأينا هؤلاء الأوربيين يعطون القوس باريها!

وهنا أراني مضطراً مرة أخرى إلى التعريج على قصة تاريخ الفن مادمنا في معرض الكلام عن (فنون الإسلام):

فقد بدأ الكاتب الروماني بلينيوس كتابه عن الفن وتاريخه (في العصر القديم) في القرن الأول المسيحي، ووضع الكاتب الإغريقي بوزانياس في النصف الثاني من القرن الثاني المسيحي كتابه الشامل لبيانات وأوصاف وإيضاحات فنية نافعة كانت بأسلوب أقرب إلى السرد منه إلى النقد.

ولم يكن الأسلوب مختلفاً عن ذلك كثيراً في القرون الوسطى فلم يكن ما كتب يزيد عن وصف عام للعمائر، وإيضاح لما استنفد في إنشائها من مجهود.

وقد ظهرت بعدئذ كتب في تاريخ الفن العام في ثوب علمي نتيجة لإقبال الناس على مؤلفات الأقدمين ودراسة آثارهم والنقل عنهم، فقام فريق من أهل العلم بتفسير ما حرره فيتروفيوس، على حين اشتغل فرق آخر بتسجيل الكتابات والنقوش التي وجدت على كثير

<<  <  ج:
ص:  >  >>