للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لو درى هؤلاء وهؤلاء معرة اغتسالهم معاً في البحر، لاغتسلوا من البحر.

فقطرة الماء التي نجستها الشهوات قد انسكبت في دمائهم.

وذرة الرمل النجسة في الشاطئ ستكبر حتى تصير بيتاً نجساً لأب وأم. .

يا لحوم البحر! سلخك من ثيابك جزار. .

يجيئون للشمس التي تقوى بها صفات الجسم،

ليجد كل من الجنسين شمسه التي تضعف بها صفات القلب.

يجيئون للهواء الذي تتجدد به عناصر الدم،

ليجدوا الهواء الآخر الذي تفسد به معاني الدم.

يجيئون للبحر الذي يأخذون منه القوة والعافية،

ليأخذوا عنه أيضاً شريعته الطبيعية: سمكة تطارد سمكة. .

ويقولون ليس على المصيف حرج.

أي لأنه أعمى الأدب، وليس على الأعمى حرج.

يا لحوم البحر! سلخك من ثيابك جزار. .

المدارس، والمساجد، والبيع، والكنائس، ووزارة الداخلية، هذه كلها لن تهزم الشاطئ.

فأمواج النفس البشرية كأمواج البحر الصاخب، تنهزم أبداً لترجع أبداً؛ لا يهزم الشاطئ إلا ذلك (الجامع الأزهر)، لو لم يكن قد مسخ مدرسة. فصرخة واحدة من قلب الأزهر القديم، تجعل هدير البحر كأنه تسبيح، وترد الأمواج نقية بيضاء، كأنها عمائم العلماء.

وتأتي إلى البحر بأعمدة الأزهر للفصل بين الرجال والنساء، ولكني أرى زمناً قد نقل حتى إلى المدارس روح (الكازينو). .

يا لحوم البحر! سلخك من ثيابك جزار. . .!

هنا على رغم الآداب، مملكة للصيف والقيظ، سلطانها الجسم المؤنث العاري.

أجسام تعرض مفاتنها عرض البضائع، فالشاطئ حانوت للزواج.!

وأجسام تعرض أوضاعها كأنها في غرفة نومها لا في الشاطئ. . .

وأجسام جالسة لغيرها تحيط بها معانيها ملتمسة معانيه، فالشاطئ سوق للرقيق. .

وأجسام خفرة جالسة للشمس والهواء، فالشاطئ كدار الكفر لمن أكره.

<<  <  ج:
ص:  >  >>