بحثهم على مقاطعة الإنجليز وعدم التعاون معهم، حتى لا ينقلب التذمر من سوء الحالة السياسية إلى ثورة دموية. واستطاع غاندي بذلك أن يشغل حماسة قومه بضرب من المقاومة السلمية، ألهتهم عن اتباع أى أسلوب عنيف يكرهه، وأن يعطى في الوقت نفسه فرصة لمبادئه في المقاومة السلبية لتتسرب إلى نفوس الهنود، وتستقر في قلوبهم، فيألفون روح النضال السلمى، ويؤمنون بقوة اللاعنف، وقدرة الحب على رفع ظلم الإنجليز واستعبادهم للبلاد.
وطلب غاندي من الهنود ألا يتعاونوا مع الإنجليز سياسياً وحربياً وقضائياً واقتصادياً وثقافياً. يقصد من اللاتعاون السياسي أن يتناول كل فرد عن الألقاب والرتب الشرفية التي منحتها له الحكومة الإنجليزية، وأن يمتنع عن الاكتتاب في فروض الحكومة، وأن يتجنب التوظف في الوظائف الحكومية، وأن يقاطع مجالس الإصلاحات الدستورية، حتى يقطع الهنود أية علاقة تربطهم بالحكومة، فيشل دولاب العمل ويتحرج مركزها، وتضطر في النهاية إلى مهادنة الهنود وتلبية مطالبهم.
كذلك يجب أن لا يتعاون الهنود والإنجليز حربياً، ويرفضون أي منصب عسكري، يكون مدعاة لتثبيت أركان الاستعمار في البلاد.
أما عن عدم التعاون القضائى، فينبغى أن يمتنع جميع القضاة عن الاشتغال بالمحاكم الحكومية، وأن يتوقف رجال القانون عن المرافعة بها، وأن ينقل الفصل في الخصومات بين المحاكم الأميرية إلى التحكيم الأهلي. ذلك لأن المحاكم في الهند آلة بيد السلطة البريطانية، تحاول أن توطد بها نفوذها في البلاد عن طريق إذكاء نار الشقاق بين الهنود، ونشر النزاع بين الطوائف وهى لا تعيش إلا على إيذاء الناس، بينما تجادل بلجاجة عند دفع الحقوق، وتسوف عند طلب الوفاء بالتعهدات. فأصبح تعطيل المحاكم الحكومية أمراً ضرورياً لضمان توحيد كلمة الهند وتعاون أفرادها.
وتتلخص المقاومة الاقتصادية في أن الهند بأجمعها، يجب أن تقاطع المنسوجات البريطانية، لأن الشركات الإنجليزية سيطرت على الحياة الاقتصادية في البلاد، وقضت على الصناعات الأهلية وامتصت موارد الثروة الهندية، فهي تسلب سنوياً قطن الهند، وتصدره لها بعد حين منسوجات، تفرض عليها شراءها بأثمان باهظة. ولكي تحمى الهند