للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المعاني الفرعية حينما ذكروا أنه لا يوجد في المترادفات لفظان متحدي المعنى تماماً وإنما تكون بلاغة الشاعر في تجنب الألفاظ المحدودة الصلدة القاحلة، وتتبع الألفاظ ذات الظلال التي تضم إلى أصل معناها فروعاً وأغصاناً وأوراقاً وأزهاراً تكسب الشعر حياة وجمالاً وحركة وتصبغ عليه السمو، وقد لاحظ ذلك قديماً بعض أدباء الأندلس، وإن كان لم يعلل السبب ولم يزد عن ملاحظة أن بين الحروف أنساباً وقرابات تجعل لفظاً في الشعر أجمل من لفظ آخر متحد معه في معناه، ومثل لذلك بكلمة (خفاتا) في قول الشاعر:

لعمرك إني يوم بانوا - فلم أمت ... خفاتا على آثارهم - لصبور فذكر أن كلمة (خفاتا) لها

من الجمال الفني، ما لا تصلح له كلمة (سريعاً).

٣ - ذكر علماء النفس أن النمو في أية ناحية من نواحي العقل الثلاث (الفكر والإرادة والعاطفة) يضعف الناحيتين الأخريين، بمعنى أن التفكير الكثير يضعف العاطفة والإرادة، وضربوا لذلك مثلا: الفيلسوف الذي حضر في أخريات أيامه حفلة موسيقية فلم يفقه لها معنى، ولم تتحرك مشاعره، ولم تتأثر بها عواطفه، فنذر أن لو عادت حياته كرة أخرى لخصص جزءاً من وقته لممارسة الفنون الجميلة، كما ذكروا أن الإرادة تضعف العاطفة، واستنبطوا أن قواد الجيوش لا شفقة عندهم، وأن المرأة تطغى عاطفتها على التفكير فيكون ضعيفاً فيها.

والإيمان فلسفة يقينية معها شك، ولا ينبت في مرعاها مستحيل، ولها منطق خاص يسيطر على ملكات النفس وقواها، فلا يبقى لغيره مجال، ولا يزحمه شعر ولا فن إلا ما يتصل بمنطق العقيدة ويوائمه، ويكون إذ ذاك شعراً محلياً لا يسيغه إلا من شارك الشاعر في عقيدته فيفقد الجمال العبقري للفنون الجميلة الذي يجعلها لغة عامة مفهومة للناس كافة، إذ لا يخفى أن النفوس البشرية تتحد في إدراك الجمال الرائع، بحيث ترى أن التماثيل والقصائد والتصاوير والمقطوعات الموسيقية العالية مقدرة عند جميع الشعوب، محترمة في كافة الأقطار والأعصار.

ومثال الشعر المحلي الجمال قصائد البوصيري في مدح النبي عليه الصلاة والسلام، فهي عند المسلمين من أروع الشعر، مع أن غيرهم لا يحس لها بجمال.

٤ - من شأن الإيمان غرس الطمأنينة والرضا في النفوس فترويض العواطف الجنسية

<<  <  ج:
ص:  >  >>