للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليس في اللغة (شغوف):

كان بيميني العدد ٧٨٤ من الرسالة الغراء وكنت أقرأ فيه مقالا ممتعاً للشاعر الناثر الأستاذ الجليل محمود رزق سليم مدرس الأدب بكلية اللغة العربية، فما إن بلغت ممن القراءة إلى لفظة (شغوف) في قوله في صحيفة ٧٧٩ (جلس في ظلالها جلوس الواله (الشغوف) حتى أمسكت لساني عن متابعة القراءة، ووقفت حيالها هنيهة أستذكر بقايا ما أحفظه من أبيات فيها ألفاظ تؤدى نفس هذا المعنى، ليس من بينها هذه اللفظة غير العربية التي نحن بصدد الكلام حولها. وهذه الأبيات ليست في كثرة وهى - قال البحتري:

ولمة كنت (مشغوفاً) بجدتها ... فما عفا الشيب لي عنها ولا صفحا

وقال المتنبي:

كأن الحزن (مشغوف) بقلبي ... فساعة هجرها يجد الوصالا

وقال الشاعر:

قوم ترى أرماحهم يوم الوغى ... (مشغوفة) بمواطن الكتمان

وقال الشاعر:

(مشغوفة) بك قد شغفت وإنما ... حم الفراق فما إليك سبيل

وتقصياً من الشك وسداً لثغرة الاحتمال بعد هذه الأبيات على رغم قلتها، وإن كان فيها غنية أي غنية فكنت قد اقترأت فريقاً من معاجم اللغة في اهتمام تام، وفى تيقظ وتحفظ فلم أعثر للفظة (شغوف) هذه على أثر البته، وإنما الذي ألفيت هو (المشغوف) بالغين المعجمة (والمشعوف) بالعين المهملة أيضاً ليس غير، فيتضح إلى ذلك أن هذه اللفظة الغربية ليست من اللغة العربية، وإنما تسربت إلى أقلام بعض الكتاب من سبيل الصحف التي لا سلطان لأدب اللغة عليها.

فالويل كل الويل للصحف من هذه اللغة الرائعة البارعة فإنها لا تحفل في أكثر الأحايين إلا بالمعنى فقط؛ وأما اللفظ - ولا معنى بغير لفظه - فإنها ترسله على عواهنه إرسالا من غير احترام للأدب اللغوي.

(طرابلس الغرب)

<<  <  ج:
ص:  >  >>