نتلقى فيه ماء المطر. . . ثم أقامه في وسط المطبخ. . . وهو يقول (هلا تملئينه حتى الشفا بالماء).
فشمرت عن ساعد الجد، ولم آل جهداً ساعة، وأنا أسعى بالدلوين بينه وبين البحيرة أحمل مزيداً ومزيداً من الماء. . . فقد كان من الضخامة، حتى لكأنه بئر بعيد الغور. . .
أما هذان الزنيمان (برومنت) و (كورني) فقد مكثا طيلة الوقت يعبان في الخمر. . . ويملان الكأس تلو الكأس. . حتى لم أتمالك أن صحت فيهما (لكأنكما أكثر امتلاء بالخمر من هذا البرميل. .) فأجابني برومنت: لا تبالي بما نحن فيه. . وثابري على عملك أنت. . فلسوف يحين دورك. .) فلم أعره سمعاً. . لأني أعلم بما للخمر من عقبى تسل العقل من إدراكه، وتمنع النفس صوابها.
حتى إذا فاض (البرميل) بالماء. قلت (يا هذا. لقد فرغت من عملي) فناولني (كورني) خمسة فرنكات - كورني وليس برومنت يا صاحب السعادة. . إنه كورني الذي منحني أجري. . ولكن لم يلبث (برومنت) أن قال: (هل لك في خمس فرنكات أخرى!.) فقلت على الفور (نعم. .) حتى لا تفلت من أناملي هذه الفرصة الذهبية. . . فانثنى يقول (هيا انزعي ثيابك!. . .) فصحت فيه وفد أخذتني الدهشة والعجب (أنزع ثيابي؟!.) فأجابني (أجل) فسألته منكرة (أأفّضها كلها؟!) فقال (إن كان هذا يثير انزعاجك. . . فامسكي عليك قميصك. . . إنا لا نبغي نزاعاً. . .)
حسن. . . خمسة فرنكات قدر لا يستهان به. . فما على من بأس لو فادعت هذين السفيهين. فرفعت قبعتي من فوق رأسي. ثم خلعت دثاري. . وسللت قدمي من النعلين!. وحينئذ قال برومنت (ليس ثم داعي للخلاص من جواربك. . نحن قوم ورعون أولو تقي!.) فهتف كورني مرجفاً (أجل. . نحن قوم ورعون أولو تقي!.).
وهكذا قمت أمامهما على شبه من أمنا (حواء)!. فنهضا من جلستهما ترنحهما الخمر. وهما لا يكادان يثبتان على إقدامهما. عفواً يا صاحب السعادة. . قلت لهما (وماذا بعد؟!) فصاح برومنت (أو مستعد أنت؟!) فأجابه كورني (مستعد!).
ثم لم يلبث (برومت) إن امسكني من رأسي، وقبض كورني على قدمي. . . كالشاة التي تهيأ لغسلها!. فما أن هممت بالصياح، حتى زجرني (برومنت) في قسوة قائلاً (امسكي