لسانك. . . أيتها المرأة الوقحة!.) ثم رفعاني في الهواء، وقذفا بي في (البرميل). . . فسرت في كياني قشعريرة جعلت الدم يضطرب في عروقي ويتصاعد دافقاً إلى رأسي. . . فتصطك أسناني وأحس الجمد يعتريني من ناصيتي حتى أخمصي!. .
وسمعت برومنت يقول (ولكن رأسها ما برح لا يغمره الماء. إن هذا يدخل في الحساب!.) فرد عليه كورنى (ضع رأسها إذن تحت الماء!.) فلم يلبث أن دفع رأسي في البرميل كمن يعمد إلى إغراقي. . . فاستشعرت الماء يتسرب إلى أنفى. . . وتراءى كأني أوشك أن اتخذ سبيلي إلى السماء!. .
وما أنفك يدفعني. . . حتى غمرني الماء. . . ثم خالجه الخوف فجأة، وساوره الندم، وراودته الرحمة. . . فعاد يرفعني قائلاً: - (هيا جففي جسدك، واخصفي عليك ثيابك. . . يا حقيبة من العظام. . .)
فلم أكد أثوب إلى نفسي وأتمالك مشاعري. . . حتى أطلقت لساقي الريح، وهرعت إلى (راعى الكنيسة) ذلك الرجل الطيب القلب الكريم النفس الوفي الخلق. . . فأعارني دثاراً من ثياب خادمه. . . وطفق يسرى عنى حتى أفرخ روعي!. . ثم انطلق يدعو صاحب الشرطة والسيد (شيكوت) النائب!. .
وعدنا أدراجنا جميعاً إلى الدار. . . فألقينا برومنت وكورنى يتقاتلان كزوج من الكباش!. . وكان برومنت يزمجر والغضب يتقد في عينيه (إن هذا وكس. . . لقد أخبرتك أنها ليست دون (المتر المكعب) لقد أسأنا العمل وأخطأنا الوسيلة!.)
فضج كورنى في حنق (بل أربعة من الدلاء الممتلئة. . . لا تبلغ نصف المتر المكعب. . . إنها حقيقة. . . لا تملك لها إنكاراً ولا تجد منها خلاصاً!. .) فدنا منهما صاحب الشرطة، وحال بينهما في صرامة. . . وما كنت أحير شيئاً!. .)
وتهالكت السيدة على مقعدها. . . فانفجرت في قاعة المحكمة عاصفة من الضحك. . . وتناظر المحلفون، وقد رفت على ثغورهم ابتسامات تحفها الرزانة. . . حتى إذا رانت السكينة وخيم الهدوء خاطب القاضي (كورنى) المتهم:
(يبدو أنك المحرض على هذه المكيدة التي تفيض شناعة وتدر خزياً. أو عندك من الدفاع ما تقدمه بين يدينا جلاء لما قارفته!)