فهم (كورنى) على قدميه قائلا: (لقد كنا ثملين تبعث برأسينا الخمر!) فأجابه القاضي في رصانة وهدوء (إنى أعلم هذا صل حديثك!) - (مهلا!. . . سيواتيك ملا تعلم. . . حسن! لقد جاءني (برومنت) في تلك الصبيحة، ودعانى إلى كأس من شراب (البراندي). . . فجلست إليه وأفرغته في جوفي. . . وحفزني الأدب إلى أن أقابل فضله بمثله. . . فدعوت له بكأس آخر. . . فأجابني بكأس ثالث، فرددت عليه برابع. ودالت بيننا الخمر ودارت منا الرؤوس. . حتى انتصف ميزان النهار. . فإذا بنا مخموران نترنح من النشوة!. .
وطفق برومنت يجأر بالصياح. . فخالجني الأسف له وأحسست إشفاقاً عليه!. . . فسألته عن جلية أمره!. . . فقال (لابد لي من ألف فرنك قبل الثلاثاء!.) فانطويت على نفسي. بالطبع. بيد أنه شك غير طويل، ثم قال في مثل هدوئك وشبه وقارك يا سيدي:(سأبيعك زوجتي!.)
حسن. . . كنت ذاهب الوعي عاطل الرشد. . . وكانت زوجتي قد لبت داعي المنون. . فدار بخلدي - وهو مضطرب - أن من الخير أن استحوذ على آمراته. . ما كنت أدرى عنها شيئاً. . . ولكن الزوجة دائماً هى الزوجة. . . فأثنيت أسأله (وكيف تبيعها لي؟!) فتطمئن رأسه وهو يفكر، أو لعله خلع على ذاته سمات التفكير ومظاهر التدبير. . فالمرء إذا عانق الصهباء. . تبلبلت في ذهنه الآراء، وعاثت في جسده الأدواء.
ثم لم يلبث أن أشرق وجهه وانبسط جبينه وهو يقول:(سأبيعها لك بالمتر المكعب!.) فلم يأخذني الدهش، فما برحت نشوة الخمر تعربد بين جوانحي. . كما أنى استخدم المتر المكعب في تجارتي!. . . إن المتر المكعب يقدر بألف لتر. . . فوافقت هواه، بيد أن العقبة التي تنهض في سبيلنا. . هي الثمن، وهو رهين بما يتمخض عنه عديد الأمتار. . وعن لي أن أسأله:
- (وكم تود في المتر المكعب؟!.)
- (ألفى فرنك!. .)
فوثبت من مجلسي كأرنب مروع. . ولكن جال بخاطري أن ليس ثم في الوجود امرأة تجاوز في الكيل ثلاثمائة لتر!. .