للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثبات الرابطة الإسلامية وصمودها العجيب أمام أعدائها المتوحشين، لتقلص ظل الإسلام في هذه البلاد. ولعل من الأدلة القاطعة على بربرية حزب (مهاسبها) أن قاتل غاندي - وهو شاب مثقف راق - كان منتمياً إليه، فلم يرقه تسامح المهاتما وموافقته على تقسيم الهند إلى دولتين، فألف مع بعض أعوانه عصابة لاغتيال زعماء المؤتمر، واحداً بعد واحد. فأذا كان هذا شعورهم المجرم نحو إخوانم الهندوكيين، فمن يحصى النكبات الفادحة التي جرها هؤلاء على المسلمين!

ولقد انتهز حزب المؤتمر نجاحه في الانتخابات التي تلت دستور سنة ١٩٣٥ فأعلن أنه يمثل الأمة أتم تمثيل وتغاضى عن مائة مليون من المسلمين أقبح تغاض، وراح يروج لنفسه بدعاية براقة خادعة، مدعياً أن الزمام السياسي قد أصبح في يده وحده، ولكن الزعيم الأعظم محمد علي جنه وقف في وجهه باسم الرابطة الإسلامية، وطاف على قدميه في أنحاء المدن الإسلامية بالهند، فنبه العيون وأسمع الآذان، ودعا إلى توحيد الكلمة بين المسلمين ورسم أمامهم ما يتهددهم من المخاطر، وخاصة أن الحكومة الجديدة قد رفضت رفضاً باتاً أن يشترك فيها عضو واحد من المسلمين! وكثرت الفتن الداخلية كثرة أشعلت الأفئدة وألهبت النفوس، فعرف المسلمون تمام المعرفة ما يدبر لهم من الكيد والبلاء، بينما أخذ أعداء جنه يتهمونه بمساعدة الإنجليز، كما أسرفوا في التشهير بزعماء المسلمين إسرافاً لا حد له. ولم تمض مدة يسيرة حتى كان القائد الأعظم قد وفق في مهمته أكبرَ توفيق، فوافق حزب الرابطة سنة ١٩٤٠ على اقتراحه بصدد مشروع الباكستان، وأخذ يعمل على الوصول إليه من كافة الطرق، وقد تحسن موقف الرابطة كثيراً حين جاءت الانتخابات الجديدة سنة ١٩٤٦ ففاز المسلمون بجميع المقاعد المخصصة لهم في المجلس التشريعي، وأسقط في يد المؤتمر الهندوكي حيث بان للعالم أجمع أنه ليس وحده الذي يمثل الهند، وأصبح مركز الرابطة يسمح لها أن تستقل بالبلاد الإسلامية مما ترتب عليه شطر الهند إلى دولتين مستقلتين، فارتفع العلم الإسلامي في مملكة وليدة وتحقق أمل بعيد كان يظنه الجميع سراباً يلوح في الصحراء.

لقد كان محمد علي جنه زعيما من طراز فريد، لأن جميع الزعماء ينشئون في أمم مهيأة معروفة فيوجهونها إلى الطريق السوي، ولكن القائد الأعظم قد أوجد أمة من العدم، وسهر

<<  <  ج:
ص:  >  >>