الهندي، ويشجع السياسي على أستخدام دهائه وفكره في الحصول على أستقلال الهند. وبغير ذلك لا يمكن أن تنال الهند الحرية وتنجي من العبودية. أما أن ينفرد شخص بمعالجة قضية الوطن، ثم ينادي بقطع كل أتصال بين الهند والغرب، فيلبي الشعب الضعيف دعوته بغير تبصر، ويطيع أوامره في مقاطعة الغرب والقضاء على سبل التعاون معه طاعة عمياء ليدل على نوع من الاستبداد الروحي بشعب هزيل الروح قابل لعوارض غضب هستيري قد يعصف بكيان الهندية.
ربما تكون مقاصد غاندي من وراء المقاومة السلبية شريفة، ولو طبق جميع الهنود مبادئه في اللاتعاون بنفس الروح التي يفهمها غاندي لما تعرضت الهند لأخطار العواطف القومية والثورات والفتن ولكن الخوف من المكلفين بتنفيذ آراء غاندي، فقد يتوهمون أو يوهمون أن اللاتعاون هو الغاية النهائية من حركة غاندي السياسية، وليس وسيلة وقتية، ويؤمنون به كدين قويم في أتباع حرفيته خلاص الهند من الاستعباد.
بينما خلاص الهند من الاستعباد لن يأتي إلا عن طريق التعاون مع بقية الشعوب والاندماج فيها وتكوين أمة عالمية تشمل جميع الشعوب على اختلاف أجناسها وألوانها وثقافتها وعاداتها، لأن مشاكل العالم المتعددة لن يعرف لها حل نهائي ما دامت الأمم متفرقة بعضها عن بعض، تعيش كل منها في نفسها، تود لو تقضي على كل رابطة تربطها بباقي الأمم، لا تثق في جدوى التعاون، وتقبل أن تظل حبيسة حدود الوطن الضيقة خلف حواجز مصطنعة تفصلها عن سائر الشعوب، وترضى أن تحيا على الدوام في حرب مع كل أمة تريد أن توجد بينها وبينها علاقة وطيدة، أو تتدخل في شئونها. ولذلك سيظل العالم على ما هو عليه من قلق واضطراب وخوف طالما لا ترغب الدول في الاتحاد التام، فيجب على الهند أن تلعب دوراً هاماً في سبيل توحيد العالم وتسبق جميع الشعوب في الدعوة إلى التفاهم والتآخي، وتضرب مثلا حياً لدول العالم يسعد بسعيها الصادق في إنجاز وحدة الدنيا، لأن الدين الهندوكي يقوم على حقيقة وحدة الوجود، ويطالب الهنود بتحقيق هذه الوحدة من مشاعرهم وأفعالهم وفي داخل نفوسهم وخارجها، ويحثهم على فناء ذاتهم الفردية في الذات اللامتناهية، حتى لا يشعر أحد إلا بالروح الكلية التي تضم كل شيء في الوجود، ولن يصل هندي إلى هذه المرتبة الروحية العالية إلا عن طريق الحب والوئام والتعاون، فإذا