وحفظ التاريخ من أسماء مدرسيه في عصر الحروب الصليبية محمد بن بركات بن هلال الصوفي، أحد فضلاء المصريين وأعيانهم أخذ النحو والأدب عن أبي الحسن بن بايشاذ فأتقنهمها، وله أيضا معرفة حسنة بالأخبار والأشعار، ولكنه كان منحطا في الشعر، يقول السيوطي عنه: ليس له احسن من هذين البيتين:
يا عنق الإبريق من فضة ... ويا قوام الغصن الرطب
هبك تجافيت وأقصيتني ... تقدر أن تخرج من قلبي؟!
والظاهر أنه كان مضيقا عليه في الرزق، يدلنا على ذلك ما روى من أنه وقف للأفضل شاهنشاه أمير الجيوش، وهو راكب في الطريق فأنشده:
يا رحمة الله التي ... واسعها لم يضق
لم يبق إلا رمقي ... فاستبق مني رمقي
وعن قليل لا أرى ... كأنني لم أخلق
فسأل الأفضل عنه، فقيل له هذا بحر العلم ابن بركات النحوي، فقال له الأفضل أنت شيخ معروف، وفضلك موصوف، وقد حملنا عنك الوقوف وأمر له بشيء. ويبدو أنه اتصل بالأفضل بعدئذ، وألف له كتاب الإيجاز في معرفة ما في القرآن من منسوخ وناسخ، ولعل هذا الكتاب وما ألفه في النحو من تصانيف من بين ما قرأه في الأزهر على طلبته، كما أنه وضع كتابا في خطط مصر أجاد فيه، وتوفى في ربيع الآخر سنة ٥٢٠ وله مائة سنة وثلاثة أشهر.
ومنهم الحسن بن الخجطير أبو علي النعمان الفارسي المعروف بالظهير؛ وقد اشتغل زمنا طويلا بالتدريس في الأزهر، روى عنه ياقوت أنه قال: أنا من ولد النعمان بن المنذر، ومولدي بقربة تعرف بالنعمانية، ومنها ارتحلت إلى شيراز، فتفقهت بها، فقيل لي الفارسي، وأنتحل مذهب النعمان وأنتصر له فيما وافق اجتهادي. قال ياقوت: وكان عاملا بفنون من العم، قارئا بالعشر والشواذ، عالما بتفسير القرآن وناسخه ومنسوخه والفقه والخلاف والكلام والمنطق والحساب والهيئة والطب، مبرزا في اللغة والنحو والعروض والقوافي ورواية أشعار العرب وأيامها وأخبار الملوك من العرب والعجم. ومما ساعده على معرفة ذلك كله أنه كان يحفظ في كل فن من هذه الفنون كتابا، فكان يحفظ في التفسير كتاب لباب التفسير