للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لتاج القراء، وفي فقه الشافعي كتاب الوجيز للغزالي، وفي فقه أبي حنيفة كتاب الجامع الصغير لمحمد بن الحسن الشيباني، نظم النسفى، وفي الكلام كتاب نهاية الإقدام للشهر ستاني، وفي اللغة كتاب الجمهرة لابن دريد، وكان يسردها - كما قيل - كما يسرد القارئ الفاتحه، وكان يحفظ في النحو كتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي، وفي العروض كتاب الصاحب بن عباد، وكان يحفظ المنطق أرجوزة أبي علي بن سينا، وكان قيما بمعرفة قانون الطب له، وكان عارفا باللغة العبرية ويناظر أهلها بها وقد ظل يحفظ متون هذه العلوم مدة أربعة عشرة سنة كان يكتبها الواحا، ويحفظها كما يحفظ القرآن.

وكان الغالب عليه الأدب واللغة يجلس بين يديه شيخ الديار المصرية عثمان بن عيسى النحوي، ويسأله سؤال المستفيد عن حروف من حوشي اللغة. وفي مرة سأله عن كلمة منحوتة، ففسرها له، وأملاه كلمات على مثالها في نحو عشرين ورقة من حفظه، وسمى ماأملاه كتاب تنبيه البارعين على المنحوت من كلام العرب. وكان ابن سناء الملك يسأله عن كلمات غريبة كلام العرب وهو يجيب عنها بشواهدها. وقد كانت معرفته باللغة سبا في انتصاره على المجير البغدادي عندما دخل خوزستان؛ فقد بدأ مناظرته إياه بألفاظ حوشية أحب المجير أن يستسفر عنها؛ رتبة الأمامية يجهل لغة العرب. . . والمناظرة إنما اشتقت من النظير، ليس هذا بنظيري، لجهله بأحد العلوم التي يلزم المجتهد القيام بها. وكثر لغط أهل المجلس وانفض، (وشاع في الناس أنى قطعته).

وكان الظهير قد أقام بالقدس مدة، فأغراء العزيز عثمان ابن صلاح الدين بالحضور معه إلى القاهرة، وأجرى عليه كل شهر ستين ديناراً أو مائة رطل خبزا، وخروفا وشمعة كل يوم ومال أليه الناس والعلماء، وصار له سوق قائمة، إلى أن قرر العزيز المناظرة بينه وبين شهاب الدين الطوسي، ولكن الطوسي في يوم عيد انتهز كلمة مجامله قالها الظهير للعزيز في أثناء الكلام، ولم يبرر الطوسي النطق بها فأصماه، وانكسرت حرمته عند العزيز، وشاعت القصة بين العوام، وانتهى أمره بأن انضوى إلى المدرسة التي أنشأها تركون الأسدي يدرس بها مذهب أبي حنيفة إلى أن مات سنة ٥٩٨.

وكان قد أملى كتابا في تفسير القرآن وصل فيه إلى تفسير قوله تعالى: تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض. في نحو مائتي ورقة، ومات ولم يختم تفسير سورة البقرة. وله كتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>