فهذبوا عقول العذارى، حتى تظل أجساد العذارى في مأمن من الشرور والآثام!
ومهما يكن من شئ، فإن الزهاوي لم يفعل أكثر من التلميح والإشارة إلى قوانين الزواج والطلاق. وأعظم من ذلك. الكاتب الاجتماعي التونسي طاهر الحداد الذي نشر في عام ١٩٣٠ كتابا عن (نساؤنا في الشرع وفي المجتمع). وقد ذكر فيه أن قوانين القرآن وأصول التشريع الإسلامي لا ينبغي أن تعتبر نهائية، وثابتة لا تتغير، بل يجب أن ينظر إليها بعين التطور، ورأى أن روح الحضارة الإسلامية تتطلب عمليات مستمرة من هضم مميزاتها الخاصة للرقي الحضاري.
كما أن الأدب العربي في مصر - في تصويره وتحليله للمشكلات الاجتماعية - قد دخل فيهنقد مفهوم ضمنا للعقبات القانونية التي تقف في سبيل المساواة التامة للنساء. وكان من بين الاقتراحات الأولى التي حيرت وزارة الشئون الاجتماعية الجديدة - نشئت في مصر عام ١٩٢٩ - تقييد تعدد الزوجات، وتحديد حالات الطلاق. ولكن على الرغم من أن الحلول التي وضعتها الوزارة لم تشتمل على أكثر من جزء معقول من الإصلاحات التي يرغب فيها الرأي العام المثقف، فإنها قد تسببت في ظهور شكوى ممثلي الرأي العام في الأزهر، من أنها كانت تناقض الشريعة، وأن الأجدر بالوزارة أن تنتبه إلى سباق الخيل والميسر وسائر المساوئ الاجتماعية الأخرى التي نهى عنها القرآن والسنة.
إن المجدد الحقيقي لا يمكنه أن يتخلص من مأزقه، بتشتيته الشمل بسهولة؛ إذ أ، القرآن ينبغي أن يكون حقيقيا ونهائيا. ومع ذلك فليس من السهل أن نشعر بوجود شئ من الخطأ في السلوك الاجتماعي السائد بين المسلمين. ثم إن مما يجرح شعوره كمسلم، أو يخدش كرامته كرجل، أن يرى أن الشيء الوحيد الذي يعرفه رجل الغرب العادي عن الإسلام، هو أن المسلم قد يكون له أربع زوجات! ويزيد آلامه استفادة إرساليات التبشير من مشكلاته. فليس لديه سوى مخرج واحد؛ فإن المثل العليا في الإسلام لا تقع في أي طريق من المستويات العليا، وعلى ذلك فلا بد أن علماء القرون الوسطى حادوا عن الروح الحقيقي للقرآن والإسلام.