للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الرحلة فوائد أخرى على رغم ركاكة الأسلوب، وتكرار السجع الممل، وانصراف الشيخ إلى نزعته التصوفية القوية، وفيها بعض معلومات عن أصل سكان (الطيبة) من أعمال طولكرم، ونسب البراغثة في جبل القدس، وعن وقف قرية (عابور) في بني زيد للحرمين الشريفين، وما إلى ذلك.

ومن لطائف المصادفات أن يحضر إلى الديار القدسية الرحالة المصري الشيخ مصطفى أسعد اللقيمي الدمياطي، سنة (١١٤٣هـ) وينزل عند الشيخ، ويأخذ عنه الطريق ثم يصف لنا لقاءه الشيخ في رحلته المخطوطة، (سوانح الأنس في رحلتي لوادي القدس) وقد أثبتنا رأى اللقيمي في الشيخ البكري.

وخلاصة القول أن هذه الرحلة المخطوطة التي لم تزد معلوماتنا كثيراً عن لبنان الجنوبي، شيقة برغم جميع مآخذها، فإنها تمثل القرن الثاني عشر، وهو قرن تنقصنا عنه المعلومات والمصادر الوافية، فتصف لنا بعض نواحي الحياة الفكرية، وبعض أحوال البلاد القدسية وعمرانها، ورجالها ولو كان أكثر من اجتمع به الشيخ من رجال التصوف والزهد.

ويظهر أن الملاريا (الحمى الربيعية) أصابت الشيخ لردده على مقام سيدنا علي، وهي منطقة موبوءة بهذا المرض إلى عهد قريب، فضايقته وأنهكته، وحاول أن يتلخص منها بالدعاء والالتجاء إلى مقام سيدي داود!

ونحن بعد ذلك نترك الشيخ أن يتكلم، إذ أنه بعد أن ختم الرحلة الرومية وبدأ في العراقية أراد أن يبتدئ برحلة بقاعية لبنانية فأسماها (ارادن حلة الإحسان في الرحلة إلى جبل لبنان) فيقول: (اعلم أيها الأخ الواقف على هذه المواقف أن هذا الجبل المعظم المبجل المقصود بالزيارة، جبل مبارك له خواص عند الخواص أهل الإشارة، إذ من المعلوم، لدى أرباب الفهوم والاختصاص، إن الله تعالى اختص بعض الأمكنة والأزمنة والأشخاص، وقد طرق السمع، من أهل المعرفة والسمع، أن لهذا الجبل، الذي ينفي الخبل، حلا ظاهر الرجحان، وإنسا باهر الميزان، وأن كل من حوله ممن له قدم في الولاية يأتيه زائرا ولو بالروحانية وهذه على فضيلته آية)

وكان كثيرا ما يجول في الخاطر، ويتكرر وروده على الضمير المخاطر، أن يشد الشيخ الرحل على عيسى السري إليه، لعله يحظى من بر أهله ومما لديه، ولكن الأقدار كانت

<<  <  ج:
ص:  >  >>