للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تمنع. ولما آن الأوان، قصد البقاع العزيز ملتجئا لحمى المهيمن الملك العزيز، وبعد ما ودع الخلان والأصحاب والإخوان والأخدان يقول:

(وتوجهت مستعينا بالديان، نحو الديماس، مع رفقة حسان يوم الخميس سابع عشر ذي القعدة عا أربعين ومائة ألف (١٧١٧م) وقصدت حمى الصالحية. وقرأت الفاتحة لسكانها أهل الرتب الفلاحية، ثم صعدت إلى جبل قاسيون، وحصلت نفحة إقبال من هداة فتحه وتجاوزت فيه السيارة الشائقة، التي تحت قبة المصر الشاهقة وممن رافقنا لهذه الزيارة والقدس الفياح، الصديق الشيخ عبد القادر الموصلي ثم البغدادي السياح، المنتمي للعصابة السهروردية المتصلة أنسابهم بالأسرة الصديقة، والأخ السيد محمد السليفتي العباسي، المحب الآسى والصديق المواسي، أول آخذ للطريق في الخطرة الأولى، وقد ذكرته في الخمرة المحسية في الرحلة القدسية، وفي غيرها من الرحلات الأنسية، وكان الأخأكبر مساعد ومعين على إظهار الطريق في الديار المقدسة، وكنت قبل هذا التوجه الطويل المسافة أدنت له بلبس الكسوة والإرشاد لطلاب الإضافة. وممن صحبني أيضا زوج الوالدة، لا برحت في الجنان خالدة، والأخ من الرضاع، الحاج إبراهيم جميل الأوضاع، المستقيم على قدم الحب من الصغر، كأنما نقش على فؤاده نقش الججر، فلم يتغير بتوالي الزمان، لأنه ذوباع فيه طويل، قد عرف بابن الطويل في النسب. وممن صحبني أيضا الأخ الواعي، الشيخ محمد البقاعي، خفيف الحركة، ثقيل البركة، فجعلته للنسبة الوطنية دليل الركاب، وسرنا نتملى بشهود وجوه أولئك الأحباب، ولما أظلنا وادي برذ (بردى) الظليل، قابلنا بعده أول قتيل هابيل النبيل، فقرأنا له الفاتحة. وأفسدت الدليل قرب الديماس. مرتجلا بقصيدة مفيد الإيناس:

قد أتينا لقربة الديماس ... نرتجي رشف حمرة الإقباس

ونزلنا بها مع الرفاق (زاوية بني تغلب) وبعد أداء الصلاة الوسطى وختام ورد العصر البسام، ورد كتاب من الصهر الهمام الشيخ إسماعيل العالم النبيل المقدام، مصدراً له بأبيات جسام وهي:

فرقة للحبيب يوم الخميس ... أورثت في الجنان رعب الخميس

أهل ودي زاد التلهف مني ... حيث فارقتكم لدى التفليس

<<  <  ج:
ص:  >  >>