للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شجرة الزقوم في امتحان الرسم:

نشرت (الرسالة) مقالا للأستاذ عباس خضر، انتقد فيه السؤال الخاص برسم الجحيم وشجرة الزقوم ورءوس الشياطين. إلى آخر ما ترمز إليه الآيات الشريفة. وأرى أنه من الواجب قبل النقد أن يقف حضرته على الأسس التي بنى عليها هذا التطور المفاجئ في طرق تدريس هذه المادة والغاية التي تسمى إلى تحقيقها، هناك أمران مهمان:

أولا: يجب أن تخاطب الصورة المطلوب التعبير عنها (قلب) الطفل ونفسه فيمتلئ بها شعوره وإحساسه، بصورة خاصة أدركها فكره الخاص، فإذا ملأت الصورة قلبه وفاضت بها روحه واستحوذت على مشاعره، كان لها عليه سلطان شديد. فإذا أعطى الفرصة للتعبير عنها، جاء تبعيره ترجمة صادقة لما يجول في عوالم نفسه، وما دام قد فاض الينبوع من صدره وتفجر من أعماق نفسه. ففي تعبيره هذا تأكيد لنفسه ولشخصيته، وفيه شفاء لغليله وريا لظمأه. وهذا يختلف عما إذا خاطيت الصورة المطلوب التعبير عنها (عين) الطفل، فهو في هذه الحالة يحاول أن ينقلها لنا نقلا جيداً فيصبح ذلك المقلد الماهر لما يراه لا المعبر الصادق لما يجول في نفسه. . وشتان بين هذا وذاك، كما أن الصورة المنقولة عن العينتخاطب (العقل) شأنها في ذلك شأن المواد الدراسية الأخرى التي يحيا فيها الطفل طول الأسبوع. أما الصورة المنقولة عن القلب فتخاطب (العاطفة) ويجب أن نذكر أن في هذا التنويع ضرورة لحياة الطفل فهو عقل وروح.

ثانيا: الصورة التي تخاطب العين تكون واضحة في ذهن الطفل فهي دائما أمام عينيه واضحة كل الوضوح، مما يجعل الدافع النفسي عند الطفل إلى التعبير عنها ضعيفا أو معدوماً، فلا حاجة به إذا، ولا دافع كذلك في نفسه يدفعه إلى التعبير عنها حتى يراها أمام عينيه على ورقة الرسم. على العكس من الصورة التي تخاطب القلب فهي غامضة في ذهن الطفل، شديدة التأثير في نفسه كما يبدو ذلك جليا في الأحلام مثلا فيكون الدافع النفسي عند الطفل للتعبير عنها قويا شديداً، محاولا في ذلك أن يزيح النقاب عن وجه الصورة التي يحسها - فغموضها في ذهنه يدفعه إلى محاولة إيضاحها في الرسم، وقوة تأثيرها في قلبه تدفعه إلى التعبير عنا بالرسم - ليرى في النهاية ما أحسه بنفسه غامضا قد أصبح واضحا

<<  <  ج:
ص:  >  >>