للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شروح أخرى لكثير من هذه المنظومات الناشئة عنها، علمنا أي ولوع ذلك انتاب الشعراء والكتاب بالبردة من لدن عهد البوصيري إلى عهد أمير الشعراء شوقي بك، وعملنا أي إيجاز مخل ذلك الذي نتوخاه هنا في هذه العجالة ونحن نتصدى للحديث عن أثر البردة في الأدب العربي.

وفي دار الكتب المصرية، ودور الكتب في الأقليم، وفي كشف الظنون وكتب التراجم وتاريخ آداب العربية لجورجي زيدان، وفي غير ذلك من المظان إشارات إلى مؤلفات شعرية ونثرية، كانت البردة سماء وحيها ومتنزل إلهامها. وهي في انتظار البحث وترقب التمحيص. ولا تضاهي البردة في هذا الفتح قصيدة أخرى.

وفي الحق أن بعض القصائد العربية حظيت بنصيب من مثل هذه العناية فشرحت أو عورضت أو نحو ذلك، مثل (بانت سعاد) ولامية العجم، ولامية ابن الوردي. ولكن لم تبلغ إحداها شأو البردة، ولا شقت غبارها. - وتذكر هنا بعض هذه المؤلفات على سبيل المثال والاستدلال. منوهين قبل ذكرها، بان هذا الفن الشعري الجديد - وهو الغزل النبوي - قد سرت روحه في كثير من شعراء المديح النبوي بعد البوصيري، بل في جميع الشعراء، وقد قضى نهجه الجديد على نهج من تقدمه من شعراء هذا المديح، وتأثر به - بلا ريب - ابن نباته وابن حجر وغيرهما في نبوياتهم. هذا وممن شرح البردة: الشيخ الباجوري المتوفى (١١٩٨هـ) وحاشيته مشهورة، والشيخ خالد الأزهري المتوفى (٩٠٥هـ)، ومن شراحها الجلال المحلي المتوفى (٨١٤هـ) وشمس الدين بن الصائغ (٧٧٦هـ) وزين الدين زكريا الأنصاري (٩٢٦هـ) شهاب الدين الأقفهي المعروف بابن العماد (٨٠٨هـ) وعلاء الدين مصنفك (٧٧٥هـ) وشهاب الدين القسطلاني (٩٢٣هـ) وأبو عبد الله المرزوقي المغربي (٧٨١هـ).

وقد عارض البردة كثيرون، ومن أبرزهم في العصر الحديث: البلوودي في قصيدته (كشف الغمة) وهي نحو ٤٥٠ بيتا، وشوقي في قصيدته (نهج البردة). - ومن أبرزهم في العصر المملوكي وما بعده ايضا، أصحاب البديعيات. والقصيدة البديعية - كما نعتقد - منظومة عارض بها ناظمها بردة البوصيري، فالتزم بحرها ورويها وعرضها، على أن هذا الغرض - وهو المديح النبوي - ليس الهدف الأول من المعارضة، وإنما إيراد الأنواع البديعية هو

<<  <  ج:
ص:  >  >>