وبعد أن يعدد ألاعيب أخرى من فعل الحاوي، وهي كلها غريبة عجيبة يقول:
هذر ما نراه أم هو جد=ومن الناس أم من الشيطان؟
زعموا أنه الخداع ولكن=كيف في الشيء تخدع العينان؟
ثم ينتقل بعد كل هذا طفرة واحدة، فيسوق إليك حجة على أن للكون إلها فيقول:
أيها الملحدون هذى أمور ... من صنيع الجهال والغلمان
عللوها فإن قدرتم فقولوا ... إنه لا إله للأكوان
ونترك هذه الصورة لنأخذ صورة أخرى حيرت الشاعر أيضا، لعبث لبله، وانتهى أمره فيها إلى أن يبقى في حيرته، تلك هي صورة صاحبة (الودع)، (فأم عباس) قد أنبأته بالغيب وقد وقع ما أنبأته به، وقد كان ينكر عليها أن تعرف شيئا من عالم المستقبل، فراهنها، ونذر لها نذراً، ولكنها فازت بالرهان، واستحقت النذر، غير أن للشاعر عقلا لا يخضع لهذه الترهات، وهكذا يحار بين عقله، وبين الواقع الملموس:
أرت أم عباس أعجوبة ... تضل كبير الحجى (بالودع)
وما أم عباس إلا عجـ ... وز تقي بها نزعة للورع
تجادل أن أنا جادلتها ... كمن هو في فنه قد برع
وتحلف أن لم أنل ما ترى ... فليست تعود (لحط الودع)
فواعجبي كيف نبأتها ... وُديعتها بأمور تقع
وواعجبي كيف في عصرنا ... تصح الخرافات في المجتمع
وإن كنت صدقتها ما ادعت ... هـ فما أنا إلا لعقلي تبع
أمور أرى بعض أسراره ... ن صدقاً به من رآه اقتنع
أصدق منها صحيحاتها ... وليست تجوز على الخدع
ولكن من الحمق أن نترك الل ... باب مشايعة للبدع
وهكذا لا يصل الشاعر إلى قول فصل في هذا الموضوع، فيقي في ظلام دامس يخبط يمنة ويسرة، ولا يهتدي.
ويتحدث هذا الشاعر عن نماذج بشربة رآها في حياته، فمن فتى كالذئب باسم السن يظهر الإخلاص ويسر الغدر، ومن شيخ شاب في اللؤم، وحرم زوجه بألف طلاق ولكنه لا يزال