للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وليس ذلك لأن العلم عاجز أو تنقصه الكفاية، فقد درس وحصل وتخرج في الكلية وفي أعلى معاهد المعلمين، ولكنه أرهق بالعمل وحرم الفراغ الذي يستغله في مداومة الاطلاع، فاضطر أن يحيا في شبه انقطاع عن زاد العقول، كما اضطر أن يؤدى عمله على الطريقة الآلية السابقة.

حول صانع البؤس:

تلقيت رسالة من أستاذ جليل ضمنها رأيا في (الخلق والفن) لا يتفق - من حيث العرف الاجتماعي والاعتبار الرسمي - مع مكانه من المجتمع والرسميات. ولهذا قال في أول رسالته: (أنا - كما يعلم كثير من الأدباء - يزعجني أن يطرح اسمي مطرحاً يجعله موضوعا لحديث عام؛ وربما جاشت النفس بالخاطر يثيره رأي منحرف، أو نظر حصيف، واعيا أمام شهوة الكتابة، فأسترها مبالغاً، حتى أوفق بين العاطفتين المختصتين. لذلك أضع هذا الخطاب الخاص بين يديك على أنه أمانة لا يحل التصريح باسم صاحبها، ولا وصفه وصفا محدداً، إن أنت عرضت له في أسبوعياتك؛ وغضب الله عليك إن خنت هذه الأمانة).

ولذلك ابتعدت عن الوصف المحدد، وعن غضب الله. . . . وأقدر للأستاذ الكبير حريته - المقيدة بمركزه - في إبداء رأيه، واشكره على ما أضفاه على من عبارات التقدير والثناء، وإنه ليسرني أن أكون عند مثله كما وصف.

وأعرض بعد ذلك الموضوع الذي عرض له، قال: (أخذت عليك رأيك في (صانع البؤس)، فإن صانع البؤس ليس الديب، ولكن انحرف مزاج اليب، الذي ما كان يملك تقويمه، ولا يستطيعه لو حاوله. وفي الشاعر الحاذق النواسي، الذي ما كان الديب ولا غير الديب يتعاق بغباره، والذي يقول فيه النقاد: إن الشعر كان أقل أدواته، ما يقرر مذهب الديب في الحياة؛ ثم فيما قاله هو عن نفسه: (أي شاعر يتبعله ابن الحباب) ما يقطع بأن الانحلال الخلقي ليس معوقا عن الفن الرفيع؛ بل ربما بما جازفت ب. . . . . . فقلت: (إن الخلق الكريم والفن الرفيع قلما يلتقيان. وعلى الجملة كل ما قلته صحيح، ولكن الحكم على فن المنحلين بما حكمت في حاجة إلى استدراك).

وأقول: أولا إنني لم أحكم على فن عبد الحميد الديب، وإنما أردت أن أصحح خطأ شائعا

<<  <  ج:
ص:  >  >>