تندر به فيها، وكان سقراط حاضرا يوم تمثيلها فلما عرضت شخصيته وقف لكي يراه الجماهير. فليس الشعور بالنقص عيبا فهو أمر طبيعي، وإن أول سبب لاعتلال الشخصية هو اعتبار الصفات الغريزة عاهات يجب تغطيتها بمختلف الوسائل، فالواجب تحويل انقص إلى كمال، فصاحب الحياء أو محب العزلة يمكنه أن ينتفع بعزلته في البحث والتأليف، وصاحب الفضول والتطلع ينتفع بطبعه هذا بأن يكون شرطيا سريا أو صحفيا.
ثم تساءل الدكتور ناجي: هل البيئة الواحدة تخلق شخصيات واحدة؟ فأجاب بأن البيئة تضع من يعيشون في دائرتها في قالبها العام ولكنها لا تجبر كل واحد على نفس ذلك القالب، على أن لكل فرد أسلوبه الخاص في الحياة. وتحدث عن علاقة الغدد بالشخصية فقال إن الغدد تؤثر في الأمزجة والطباع حقيقة، ولكن الشخصية قد تتكون رغم ذلك، ولا لزوم للحكم على شخصية الإنسان من شكله الذي أدى إليه تركيب غددي خاص. ثم قال: إن مميزات الشخصية السليمة أن يكون لها ظل خارجي ممتد، وعندما يصير الهدف إنسانيا أو اجتماعيا يكون فجر الشخصية قد انبثق، فإذا صار الهدف روحانيا فقد بلغنا مستوى أعلى هو مستوى الإيمان، وهو تلك القوة الخارجية التي تشع في داخلنا الجلد والصبر والعزيمة.
الشخصية المعتلة:
وأعقب الأستاذ وديع فلسطين الدكتور ناجي، فألقى محاضرة عن (الشخصية المعتلة) قال: اعتلال الشخصية أنواع نقصر حديث اليوم على نوع منها يسمى (السيكوباتية) وهي السلوك المرضي، والسيكوباتي عدو المجتمع ولا يسلم هو من عداوته لنفسه، ولا يصدر سلوكه المرضي عن وعبي أو إرادة، وإنما ينساق في تصرفاته انسياقا أعمى مشبعا بطفولته في الاتجاه الفكري واستغراق في لذات عارضة هدامة، وسير في الحياة بال هدف أو وراء هدف صوري لا وجود له. فقد يشعل النار في نفسه لا رغبة في الانتحار بل حبا في رؤية النار تحصدجسمه، وقد يسرق، لا رغبة في المسروق، بل لمجرد الإيذاء والعدوان. وهو لا يقدر على التكيف والانتظام في عمل. ولا ينفع فيه التقريع والعقاب، لأن فطرته عودته على الاضطراب والخلل.
ثم قال إن المريض بالسيكوباتية لا ينبغي أن يسلك مع المجرمين، لأن المجرم المحترف يدبر لنفسه ويقدر جميع الاحتمالات لينجو ويفلت من العقاب فله إرادة ومنطق وغاية؛ إما