للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أغراضاً شعرية كثيرة، وترجم له السبكي في طبقاته، وابن شاكر في فواته، وابن حجر في الدار، ولم يرووا شيئاً من زجلياته، على الرغم من شهرته، على الرغم من شهرته بالزجل والبلاليق، فإليك شيئاً من شعره، قال من خمرية.

لتذهبوا في ملامي إنهم ذهبوا ... في الخمر لا فضة تبقى ولا ذهب

والمال أجمل وجه فيه تنفقه ... وجه جميل وراح في الدجى لهب

لا تأسفن على مال تمزقه ... أيدي سقاة الطلا والخرد العرب

وتغزل في مليح فقال:

تلك المعاطف أم غصون ألبان ... لعبت ذوائبها على الكثبان

وتضجرت تلك الخدود فوردها ... قد شق قلب شقائق النعمان

ما يفعل الموت المبرح في الورى ... ما تفعل الإحداق في الأبدان

ويبدو أن صفي الدين الحلي تأثر بألفاظ هذه الأبيات، في قصيدته البارعة التي مطلعها:

خلع الربيع على غصون ألبان ... حللا فواضلها على الكثبان

ومن أشهر زجالي العصر المملوكي قيم الزجل الكبير (خلف الغباري) الذي عاش في النصف الثاني من القرن الثامن الهجري، وتوفي في أوائل القرن التاسع في عهد السلطنة الثانية للناصر فرج بن برقوق. وكان حاذقا في صناعة الزجل، أدخل إليها خصوصيات الشعر وسماته في التصوير والتعبير، وولج بها أبوابه وفنونه، فتغزل ووصف ومدح وهنأ ورثى وسجل الحوادث، إلى غير ذلك. وحسنت صلته ببني قلاوون وبخاصة الأشرف شعبان، ثم بالظاهر برقوق، وهو طويل الباع مديد النفس، تبلغ زجلياته أحياناً ثمانين بيتاً أو تزيد.

وفي مطلع غزلية يقول، وفيه توريات لطيفة:

جاز حبيبي فقلت دا الحجاج ... حا يجور أو يزيد

لو عدل عشت بو مسرور ... ويكون الرشيد

وعندما اعتلى الأشرف شعبان حفيد الناصر بن قلاوون سلطنة مصر عام ٧١٤هـ هنأه الغباري بقصيدة زجلية منها:

حب قلبي شعبان موفق رشيد ... وجمالو أشرق ومالو حدود

<<  <  ج:
ص:  >  >>