ونقل في روضات الجنات عن صاحب (صحيفة الصفاء في ذكر أهل الاجتباء والاصطفاء) أن الطوسي كان من حملة عرش التحقيق في الفلسفة والرياضي والكلام.
وكان محبوساً في حصن الديلم بأمر خورشيد شاه القرمطي فلما غلبت الترك عليه وقتلوه وأخذوا حصن الديلم أطلقوا الفيلسوف الإلاهي من الحبس وأكرموه لعلمه بالنجوم وكان في عداد وزرائهم وقصته مع ابن الحاجب مجعولة لبعد بعيد بين زمانيهما
والحق أن الطوسي قد خدم الحضارة الإسلامية خدمات جلى كان منها استنقاذه الكتب العربية وحفظها للأجيال وأبقى قبساً من نتاج العلماء المسلمين في فجر النهضة الإسلامية فجعلها متصلة الحلقات موصولة الأسباب.
ولنذكر ناحية ثانية استنقذت بها كتب بغداد عند دخول التتار وقتلها وقد لوح إليها ابن الغوطي إذ قال ص٣٣١ قيل إن عدة القتلى ببغداد زادت عن ثمانمائة ألف نفس عدا من ألقي من الأطفال في الوحول ومن هلك في القني والآبار وسراديب الموتى جوعا وخوفا ووقع الوباء فيمن تخاف بعد القتل من شم روائح القتلى وشرب الماء الممتزج بالجيف. وكان الناس يكثرون شم البصل لقوة الجيفة وكثرة الذباب فإنه ملأ الفضاء. وكان يسقط على المطعومات فيفسدها. وكان أهل الحلة والكوفة والمسيب يجلبون إلى بغداد الأطعمة فانتفع الناس بذلك وكانوا يبتاعون بأثمانها الكتب النفيسة وصغر المطعم وغيره من الأثاث بأوهى قيمة فاستغنى بهذا الوجه خلق كثير.
قال ووضع السيف في أهل بغداد ومازالوا في قتل ونهب وأسر وتعذيب للناس بأنواع العذاب واستخراج الأموال منهم باليم العقاب مدة أربعين يوما فقتلوا الرجال والنساء والصبيان والأطفال فلم يبق من أهل البلد ومن التجأ إليهم من أهل السواد إلا القليل.
قال وسلمت دار ابن العلقمي وسلم بها خلق كثير وسلمت دور آخرين كدار صاحب الديوان ودار حاجب الباب ودور النصارى وما عدا هذه الأماكن فإنه لم يسلم فيها أحد إلا من كان في الآبار والقنوات وأحرق معظم البلد وجامع الخليفة وما يجاوره واستولى الخراب على البلد. وكانت القتلى في الدروب والأسواق ووقعت الأمطار عليهم ووطئتهم الخيول فاستحالت صورهم وصاروا عبرة لمن يرى؛ ثم نودي بالأمان فخرج من تخلف وقد تغيري ألوانهم وذهلت عقولهم لما شاهدوا من الأهوال التي لا يعبر عنها بلسان وهم كالموتى إذا